يجب على العالم أن يحتشد ويتآزر لمساعدة الأطفال المنكوبين

يجب على العالم أن يحتشد ويتآزر لمساعدة الأطفال المنكوبين

  هارون يحيى

 

بعض الناس يفضلون أن يظلوا غير مبالين تمامًا بالمشاكل التي لا تؤثر على حياتهم، لا يقلقهم أو يزعجهم ما يحدث حولهم من أحداث طالما لم تسبب ضررًا لأسرهم أو أقاربهم.

ومع ذلك، فهم على استعداد للتضحية بأي شيء عندما يتعلق الأمر بعائلاتهم، ويأتي أطفالهم في مقدمة ذلك.

 

وهناك الكثير من الناس مفتونون بأطفالهم؛ وإذا لزم الأمر يستخدمون كل الوسائل المتاحة في سبيل تحقيق السعادة والصحة والسلامة لهم، وهذا جميل بالطبع، وتصرف معقول كذلك. ما يثير الدهشة هو أنه في حين أن هؤلاء الناس يرفهون أطفالهم، فإنهم يتجاهلون تمامًا غيرهم من الأطفال الذين يعيشون حياة مضنية.

 

في الواقع، أنت تقرأ هذه السطور، بينما هناك عدد كبير من الأطفال في جميع أنحاء العالم يكافحون من أجل التشبث بحياة محفوفة بالمخاطر والمصاعب.

 

يصيرون أهدافًا للقنابل في الحروب والصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط.

 يتعرضون للاغتصاب والاعتداء الجنسي في مخيمات اللاجئين، ويضطرون للجوء إلى الدعارة لكسب المال.

يغرقون في البحر أثناء محاولتهم الوصول إلى الشواطئ الأوروبية بينما يفرون من الحرب.

يعيشون حياة بائسة في البلدان الفقيرة في جنوب آسيا أو أفريقيا، وغالبًا ما تخلو حياتهم من الغذاء الكافي والمياه النظيفة والخدمات الصحية والتعليمية الأساسية.

 

ويجبرون على الزواج في سن مبكرة، أو العمل كعبيد في الأشغال الشاقة.

 

وكثيرًا ما يتعرضون للعنف من قبل عائلاتهم أو أصدقائهم.

 

القسوة والمعاناة التي يتعرض لها هؤلاء الأطفال الأبرياء الأنقياء تخلف بلا شك نُدوبًا عميقة في نفوسنا. التقرير الأخير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) يذكرنا مرة أخرى بخطورة الوضع والحاجة الملحة لإيجاد حل له.

 

ووفقًا للتقرير الذي نُشر في الذكرى الـ 70 لمنظمة اليونيسيف، فإذا لم تتخذ اليوم الاحتياطات اللازمة، فإنه يُتوقع أنه بحلول عام 2030، قد يموت 69 مليون طفل من الأطفال دون سن الخامسة، وسوف يعيش 167 مليون طفل في فقر مدقع، بينما لن يتمكن 60 مليون طفل من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية من الذهاب إلى المدرسة.

 

هذه الأرقام مفزعة تمامًا، فمن غير المقبول أن تشاهد حتى رضيعًا واحدًا، أو حتى طفلًا واحدًا يعاني. لذلك، كيف يمكن لشخص أن يرضى بتعرض الملايين منهم للخطر وفقد حياتهم؟ كيف يمكن تجاهل احتمال تعرض الملايين منهم والحكم عليهم بالجوع والفقر؟ 

 

الأشخاص أصحاب الضمائر والإحساس، المخلصون والمهتمون الطيبون لا يمكن أبدًا أن يوافقوا أو يقفوا مكتوفي الأيدي أمام مثل هذا الكابوس أو أن يرضوا بذلك باستسلام. ولذلك، فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الجميع، من الأفراد إلى الدول، من الشركات إلى المنظمات الدولية، ومن وسائل الإعلام للمنظمات غير الحكومية والجامعات. وعلاوة على ذلك، فالإنفاق ومد يد العون بشكل عاجل له أهمية قصوى.

 

عندما نأتي لمسألة مساعدة الأطفال المعوزين، فإن أول شيء يجب ذكره عمومًا هو صعوبة توفير الدعم المالي.

ومع ذلك، فإنه من الممكن بسهولة توفير الدعم المالي اللازم من قبل الدول الغربية المتقدمة والدول الإسلامية الغنية.

جزء صغير جدًا من المبلغ الذي تخصصه البلاد المتقدمة والبلاد النامية حاليًا للتسلح ربما يكفي ويزيد لحل هذه المشكلة.

فقط 5٪ كنسبة متواضعة من نفقات الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية كفيلة بأن تضمن توفير التغذية الكافية والصحية لـ 66 مليون طفل على حافة المجاعة. أو ستة أيام فقط من الإنفاق العسكري في البلدان الغنية من شأنها أن ترسل جميع الأطفال في العالم إلى المدرسة لتلقي تعليمهم الابتدائي.

 

وبعبارة أخرى، فإن إيجاد الأموال لتمويل الحل ليس في الواقع أمرًا عسيرًا.

ومع ذلك، فإن استخدام الأموال المخصصة للأطفال المحتاجين لصالحهم فقط، ودون إساءة استخدام، مسألة أخرى مهمة.

ومما لا شك فيه، فإن الأطفال المعوزين في حاجة أيضًا للدعم المعنوي، وكذلك للدعم السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والاجتماعي.

 

هذا غالبًا ما يكون هو الجانب المهمل من الحل. وللحصول على حل جذري، فإنه يجب إحاطتهم بالحب، وحمايتهم برحمة وإخلاص وتضحية بالنفس.

 

وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يُعاملوا بتقدير واحترام؛ ينبغي أن نجعلهم يشعرون أنهم أشخاص أذكياء جديرون بالحوار والتشاور.

ومن الضروري جدًا تقديم المعلومات للأطفال - والشباب بشكل عام - ضد زيف الرأسمالية المتوحشة، والشيوعية وغيرها من الأيديولوجيات الضارة، وتعليمهم الحب.

ومع ذلك، فبعض الناس يعتقدون أن المساعدات الإنسانية تكون فقط بالدعم المالي. ومع ذلك، فمن ناحية التطور الصحي والإيجابي للأطفال، فكل الأشياء المذكورة في هذا المقال لها أهمية بالغة.

ولذلك، فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق العائلات والمعلمين وأقارب الأطفال، وجميع الذين يلعبون دورًا حيويًا في تكوين شخصية الطفل.

 

لا يمكن أن يكون هناك سلام ورفاهية واستقرار في عالم فيه أطفال بلا سعادة ولا صحة ولا سلام ولا طمأنينة. وإذا كانت حياتهم في خطر، فهذا يعني أن مستقبل المجتمع - بل العالم في الواقع - كذلك في خطر.

 

إذا كان الأطفال الأبرياء يموتون في كل دقيقة تمر في العالم، في حين أنه من الممكن تمامًا مساعدتهم، فإن هذا يعني بوضوح أنه ليس لدينا حتى لحظة لنفقدها لاتخاذ الإجراءات حيال هذا الأمر.

 

يجب على الجميع أن يسهم في رفاهية وسعادة وفرح الأطفال الذين يشكلون في الواقع ضمانات لمستقبلنا، كما يجب العمل بكل قوة لتجنب إنشاء "جيل ضائع".