ربوة تَشامْليجا

ربوة تَشامْليجا

مرحبا بكم في حلقة أخرى من برنامج "اسطنبول المدينة المباركة"...

اليوم نتحدث إليكم من إحدى رَبْوَات إسطنبول السّبعة، نتحدّث إليكم من رَبوة تشامليجا الكبيرة.

ربوة تشامليجا من الأماكن التي ينبغي لكل قادم إلى مدينة اسطنبول أن يَزورها، من قمّتها يُمكنك مشاهدة اسطنبول من أقصاها إلى أقصاها في مَشهد لا مَثيل له...    

في العهد العثماني لم تكن رَبْوات تشامليجا تقريبا مُستخدمة حتّى زمن مراد الرّابع.... 

بدأ استخدام تشامليجا كمنتجعٍ صيفي بدايةً من القرن السّابع عشر بعد أن تمّ فيها تشييد بعض القُصور من بينها قصر يُسمّى " باغ جِهان" (أي بُستان العالم). ثم بعد الاهتمام الفعلي بهذه المنطقة اعتبارا من القرن الثامن عشر. وأثناء القرن التاسع عشر تزينت تشامليجا بعدد من القصور، وانطلاقا من عهد السلطان عبد الحميد الثاني فقدت هذه المنطقة حيويّتها. 

واليوم أصبحت تشامليجا وسط مجال المدينة. وتعتبر رَبْوات تشامليجَا من أبرز الأماكن في اسطنبول بفضل البانوراما الرّائعة الخاصة بها وعُيون الماء فيها، وما يميزها بشكل خاص مجففات  الصنوبر الثّمري والصّنوبر البرُوتي الموجود في كُوتْشوكْ تشامليجا أو تشامليجا الصّغيرة. 

منذ القديم كانت توجود في الربوة تكة بكتاشيّة. واليوم تُعتبر ربوة تشامليجا من أهمّ الأماكن التي منها يُمكن مشاهدة أسراب الطّيور المهاجرة لأطول مدة وبأوضح طريقة. ولهذا السّبب تستضيف المنطقة في مواسم الهجرة العَشرات من الشّغُوفين بهذا الموضوع من المُواطنين المحلّيين ومن الأجانب. 

أقام العَالِم الإسلامي الكبير ومجدّد القرن الثّالث عشر بديع الزّمان سعيد النورسي في تشامليجا لفترة من الوقت. وأثناء الحرب العالمية الأولى وقع أسيرا لدى القوات الرّوسية، ثم بعد ذلك تخلص من أيدي الروس وقدم إلى اسطنبول، وأقام في قصر يوسف عز الدين باشا بربوة أسطنبول الكبيرة رفقة ابن أخيه عبد الرّحمن حوالي 7 إلى ثمانية أشهر. 

ثم في وقت لاحق وخلال زيارته لاسطنبول في عام 1953م من المعروف أنّه أقام في مبنى متكون من ثلاثة طوابق بالقرب من "جَامع بودرُومي" الواقع في ربوة تشامليجا الصّغيرة.  

والآن، وبالتّوازي مع الحديث عن منظر اسطنبول البديع، سوف نتحدث في برنامجنا عن إحدى مُبشرات النبي عليه الصّلاة والسّلام بقُرب حلول آخر الزّمان.

لقد تحدث النّبي عليه الصلاة والسلام بشكل مفصل عن علامات ظهور المهدي عليه السلام،  وأحوال العالم في تلك الفترة، وصفات حضرة المهدي عليه السلام ومهامه والسّعادة التي ستغمر العالم كله بفضل وجوده بين النّاس، كما ذكر النّبي عليه الصلاة والسلام بشكل عام سموّ أخلاقه ورفعتها. 

ووفق ما أخبر النّبي صلى الله عليه وسلم فإن أخلاق المهدي عليه السلام تُشبه أخلاقه عليه الصلاة والسّلام.

روى الحافظ الذّهبي في المُنتقى عن المهدي: وعن علي أنّه نظر إلى الحَسن، فقال: سيخرُج من صُلبه رجل يُسمّى باسم نبيّكم، يُشبهه في الخُلق ، ولا يشبهه في الخَلق ، يملأ الأرض قِسطًا.

وعن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو لمْ يبق من الدّنيا إلا يوم لطوّلَ الله ذلك اليوم، حتّى يبعث الله رجُلاً من أهل بيتي ، يُوطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرْض قسطًا وعدلاً ، كمَا مُلئت ظلمًا وَجورًا ) ( أخرجه أبو داود).

وقد ورد كذلك أنّ حضرة المهديّ عليه السّلام شديد التّواضع لله تعالى، وأخلاقه تُشبه أخلاق النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام. (علامات القيامة، برزنجي، ص. 163). 

ويُروى كذلك أنه سوف يَخرُج من نسل النبيّ من تكون أخلاقه مثل أخلاقه عليه الصلاة والسلام (حضرة المهدي عليه السّلام). (كتابُ البُرهان في علامة المهدي آخر الزّمان، ص. 21).  

أما أخلاق النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فقد جاء ذكرُها في القرآن الكريم على النّحو التّالي: أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" (سورة القلم، 4).

ومن بين الأخبار الوَاردة عن المهديّ عليه السلام في الأحاديث الشريفة أنه سوف يكون أفضل أهلِ الأَرض خُلقًا، "وهو عليه السّلام أكثرُ النّاس سكينة وأشدّهم تديّنًا وأكثرهم كرمًا وأشجعهم وأعمقهم إخلاصًا". (إحقاق الحقّ، مجلد 13، ص. 367).

الإمام المهدي عليه السّلام طاهرٌ من كلّ الذّنُوب، بريءٌ من كلّ نقيصة، بعيدٌ عن كلّ ذنبٍ وخطيئةٍ" (بحار الأنوار، مجلد 53، ص. 187).  

 

وقد ذكر النّبي صلى الله عليه وسلم أنّ المهديّ عليه السّلام سوف يكون الله تعالى أحبّ إليه من الدّنيا وما فيها، ويخشَى الله حقّ الخشيّة إجلالاً له ومهابةً مِنه. 

حضرة المهدي عليه السّلام شديد الخشية من الله تعالى، وهو في ذلك مثل طائر الجرجس عندما يخفِق بجناحيه. (نعيم بن حماد، ورق 91 أ).

وجاء في معنى حديث آخر في الموضوع نفسِه أن حضرة المهدي عليه السّلام عادل ومُبارك وشديد الطّهارة،  لا يتجاوز الحقّ بمقدار ذرّة، والله تعالى سوف ينصرُ به دين الإسلام. والمهدي عليه السلام يحمل في قلبه مخافةَ الله وخشيته في كلّ لحظة. وهو لا يغتر بما حباه  الله تعالى من قربى إليه.(المهدي الموعود، مجلد 1، ص. 280 -300)  

 

ومن خصائص المهدي عليه السّلام كذلك أنّه رؤوف رحيمٌ:

وفي هذا الخصوص جاء في مَعنى حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أنّ المهدي عليه السلام شديد الرّحمة بالضُّعفاء. (الحاوي، مجلد 2، ص. 150).

حضرة المهدي عليه السلام يكون على درجة من الرحمة لا يؤذي فيها أحدًا أبدًا.

(القول المختصر في علامة المهدي المنتظر، ص. 42).

ومثلما ورد في الآثار النبويّة، فمن العلامات المُميّزة لحضرة المهدي عليه السّلام كذلك رحمته الكبيرة بالفُقراء، وترغيبه النّاس في خدمتهم من النّواحي الاجتماعية من أجل توفير الرّاحة والطمأنينة لهؤلاء.  

 

الإمام المهدي عليه السلام سوف يوزّع قدرًا كبيرا من الثّروة، وهو لطيفٌ جدًّا مع الفُقراء وأصحاب الحاجة. (منتخب الآثار، ص. 311). 

سوف يكون المهدي عليه السّلام حريصًا جدًّا على حماية المُسلمين، ولن يسمح بأن يلحق الضّرر بأيّ مسلم في أيّ بقعة من العالم".  

وسوف يرد ردودا مُفحمة على جميع الاتّهامات المُوجهة للإسلام. وسوف يُحبط جميع المخططات المعادية. وقد جاء في الأثر عن هذا الجانب من خاصّية المهدي عليه السلام ما يلي: 

لن يتحمّل سماع ولو كلمة واحدة ضدّ الإسلام. (القول المختصر في علامة المهدي المنتظر، ص. 30). 

المهدي عليه السّلام سوف يقف سدّا منيعا في وجه الظّالمين. ولن يترك ولو لقمةً واحدةً أخذها ظالمٌ بغير وجه حقّ إلا ويُعيدها إلى صاحِبها.

(النّجم الثّاقب في بيان أنّ المهدي من أولاد علي بن أبي طالب على التّمام والكمال).   

 

إلى هُنا نصل إلى نهاية هذه الحلقة من برنامجنا. وفي حلقة اليوم تحدثنا- إلى جانب ما تتميّز به اسطنبول من جمال -عن المهديّ عليه السلام، وتحدثنا عن هذا الزّمن المُبارك الذي نحن فيه. وممّا لا شكّ فيه أنّ ظهور المهدي عليه السلام بأخلاقه وإحسانه وعبق المحبّة لديه وروحه الفياّضة بالشفقة، هو لطف ورحمة من الله تعالى بالناس في هذا الزمان.         

نسأل الله تعالى أن يجعل جميع المسلمين ممّن يدركون قيمة هذا اللطف، ويجعلنا ممن يحظون بالعيش في هذه المرحلة التّاريخية ونكون ممّن يشملهم الله برحمته.

ونرجو لجميع مشاهدينا الكرام أوقاتًا طيبة.