كيف سيفاجأ الكافرون بعد الموت؟

 

من مقابلة السيد عدنان أوكطار على قناة A9 بتاريخ 24 فبراير 2015

 

بولنت سيزجين: يقول الله تعالى في سورة النحل الآية رقم 21: "أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ"

عدنان أوكطار: انظروا، لا يمكن أبدا أن يبعثوا، هذا ما تعنيه الآية تمامًا حين تقول "وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" فلا يتم بعثهم وهم أموات في الجحيم. وسيظلون أمواتًا للأبد. ولا يتحدثون بما يفيد لأنهم قد ماتوا، فعندما يسألهم الله تعالى عن شيء ما فستجدهم يُقدمون إجابات لا معنى لها. لهذا لا يدعهم الله يتحدثون. ورغم هذا تكون لديهم طاقة كاملة للحديث، بل وللحديث بكثرة، كما لو أنهم مجانين. فيتحدثون بكثرة، لكن لا يقولون أي شيء مفهوم. لهذا السبب يقول الله تعالى: "اخسئوا فيها ولا تكلمون."  وذلك كي لا يُزعج المسلمين، لان الكفار يتحدثون طوال الوقت. وحتى في ذلك الوقت لا يؤمنون بالله ولا يؤمنون بيوم القيامة، ويقول إنهم يخفون ندمهم، ينظرون بأطراف أعينهم وما زالوا عنيدين حتى هناك.

بولنت سيزجين: وسيتساءلون " قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا...."

عدنان أوكطار: نعم، سيكونون حينئذِ حيارى. لكن من الطبيعي سؤال مثل هذا السؤال. فقد رُفعوا من حيث كانوا راقدين، لكنهم سيفشلون في تبين أين هم. فهم لا يدركون بعد أأحياء هم أم أموات، وسيدركون ذلك فيما بعد. وسيعتقدون بأنهم جلبوا إلى مكان ما وتركوا فيه. أنتم تعلمون كيف يحملون الموتى في بعض الأحيان إلى الجبال. ثم يستيقظون ويتساءلون أين هم، ثم يقولون: "قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ" وسيدركون أنهم أموات وأن هذا هو يوم الحساب. الآن فقط يدركون ما يحدث. يا للأسف! فهم سيدركون وقتها أن هذا هو يوم الحساب. هذه هي الطريقة التي يدركون بها أنهم في الآخرة.

إرديم إرتوزون: وسيقولون: " .... يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ* يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ".

عدنان أوكطار: نعم، هم لا يريدون أن يبقوا على قيد الحياة. فيقولون دائمًا: "يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ." ويقولون ذلك لأنهم قد ماتوا بالفعل. فيطلبون من الله إنهاء حياتهم، ولكنهم سيكونون موتى بالفعل.

السر ليس بهذا التعقيد. يجب أن يلتزم الناس بالقرآن وحب وتقوى الله، وحينها لن يحدث لهم أي مكروه. الأمر بسيط. فلم يعد هناك مُتسع من الزمان ولا المكان، ولم يبقَ هناك شيء يمكن لمن يفهم حقيقة الأمر فعله حيال ذلك. انظروا، كل هذا الوقت الذي نعتقد أنه لا نهائي سينتهي في لحظة واحدة. وحينها ستسأل عن مصيرك. وسيكون مصيرك قد تم تحديده بالفعل. لقد عشت وانتهت حياتك في لحظة. وسيتساءل الفرد "كيف لله أن يعرف؟" الجواب هنا. وهو بسيط جدا. يقول الله تعالى: "قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا" بالطبع إن الأمر صعب علينا للغاية لكنه سهل بالنسبة لله، فكل الأمور سهلة بالنسبة لله، ولا يصعُب عليه أي شيء، أبدًا.

التوج بيريكر: ما شاء الله، أفهمك الله الكثير، وتعمل أنت على إفهام الكثيرين حقيقة هذا الاختبار، والذي قد يجده بعض الناس عصيًّا على الفهم. ما شاء الله.

عدنان أوكطار: العلماء المسلمون يتحدثون عن كل هذا، ويكتبون الكتب حول هذا الموضوع، ولكن ما يكتبونه غير مفهوم بالمرة. وقد كتبوا كتبًا بالعامية العثمانية، وهو ما لا يستطيع الكاتب ولا القارئ فهمه على الإطلاق. ولو استطاع الكاتب أن يفهمه لكان أفضل بعض الشيء، ولكن حتى الكاتب لا يستطيع فهمه ولا يستطيع القارئ فهم كلمة واحدة. علينا أن نصرح بأننا لا نفهم كلمة واحدة حتى، ولكنهم يعرضونها على الهواء مباشرة ويحاولون تفسيرها كما لو أنهم يفهمونها.

جولاب بارلين: يفي الله بوعده، فهو يقول في آيات القرآن الكريم: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" (فصلت، 53)

عدنان أوكطار: ما شاء الله، يمكننا أن نرى ذلك الآن، يمكننا أن نرى نهاية الزمان. يمكننا أن نرى كل الأمور والمتاعب تحدث. فالذين يقومون بالأعمال الصالحة في نعيم الآن، والذين جاءوا بغير ذلك يعانون.

أمري أكار: يقول الله عز وجل في آية أخرى عن قوم نوح: ".... أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا...." كما قلت أنت أيضا، يتحدث القرآن عموما عن الأشياء التي لا رجعة فيها حول الناس الذين لقوا مصرعهم غرقا، ومن ثم عن أولئك الذين أرسلوا إلى الجحيم، هذا كله يحدث بقدر.

عدنان أوكطار: انظر، يصف الله ما يفعله الناس في الجنة ويستشهد بمقاطع من حياتهم. "إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون، هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون"، ويقول أيضًا " عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ* مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ" ويقول: "فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ". كل تلك المشاهد كأنها تحدث الآن، وكل الأمور قد انتهت. فمن أُدخل الجنة أُدخل وانتهى الأمر. وفرعون قد حُسم أمره وانتهى، والنبي موسى – عليه السلام – قد حُسم أمره أيضًا. ويصف الله مقاطع من الحياة الأبدية في الجنة، ويصف تلك المقاطع كأنها تحدث الآن.

بولنت سيزجين: يخلق الله عز وجل الأحلام لغرض خاص أيضا، أليس كذلك؟

عدنان أوكطار: فما يمكننا أن نستنتجه ونفهمه، هو أننا نموت باستمرار، ونبعث إلى الحياة من جديد، هذا نفس الشيء. عندما يبعث أحدهم للحياة مرة أخرى فيقف ويقول: "لماذا كنت مضطجعا هنا؟" هذه هي الطريقة التي يعمل بها النظام. مثل الاستيقاظ من حلم. ولكن المسلمين يكونون في راحة تامة في كل مكان، لأنهم يقوموا بعمل الصالحات، ويضعون ثقتهم في الله. وكذلك سيكونون مطمئنين عندما يبعثوا إلى الحياة في الآخرة. قد يبدو ذلك مرعبًا جدا، ولكن بما أنهم يضعون ثقتهم في الله، فسيساعدهم الله بشكل خاص، فحينها يطمئنون من داخلهم. انظر، سيشاهد المؤمنون يوم الحساب وهم سعداء للغاية. ماذا يعني أن تنظر إلى الجحيم وتكون في حالة من السرور في نفس الوقت؟ إنها معجزة. ومن الناحية الأخرى نرى الكفار ألوانهم شاحبة من الخوف؛ ويبيض شعرهم من الرعب، ويقول الله تعالى: " .... وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ" يقول الله أنهم لن يستطيعوا الكلام من شدة خوفهم. لكن سيتذكر المؤمنون الله ويحمدونه. يحمدون الله ويشاهدون الحساب في حالة من الفرح والسعادة. هناك فرق كبير بينهما.