تُصور حكاية "العثة المرقطة" على أنها واحدة من أهم الدلائل التي تصب في مصلحة التطور وذلك في جميع الكتب الدراسية لعلم الأحياء المخصصة للحديث عن نظرية التطور.
بُنيت هذه القصة على تجربة قام بها أحد علماء الأحياء التطوريون – وهو برنارد كيتلويل – في الخمسينيات والتي يمكن تلخصيها في الآتي:
في بداية الثورة الصناعية في بريطانيا كان اللحاء على الأشجار في محيط منطقة مانشستر فاتح اللون.
لهذا السبب فقد كان من السهل رؤية العثة داكنة اللون المرابطة على جذوع تلك الأشجار من قبل الطيور التي تتغذى على هذه الفصيلة من العثة، وبالتالي قلت فرص النجاة لهذه الفصيلة.
لذلك، وبعد مرور 50 عامًا، فقد أدى خفوت اللون الفاتح للأشنة المتواجدة على لحاء الأشجار – نتيجة التلوث الصناعي – إلى أنها أصبحت أكثر قتامةً من حيث اللون.
وبناءً على ذلك، أصبحت العثة فاتحة اللون – في ذلك الوقت – هي الفريسة الأكثر انتشارًا بالنسبة للطيور عن تلك العثة ذات الألوان القاتمة.
وكان هذا هو الوقت الذي انخفضت فيه أعداد العثة الملونة، مقارنة بالعثة داكنة اللون والتي تضاعف عددها نتيجة أنها أصبحت غير مرئية.
أصر التطوريون – رغم عدم وجود أساس صلب يمكن الاعتماد عليه – أن هذا الشيء هو واحد من الأمور الرئيسية التي تؤكد مزاعم دارون بحدوث التطور نتيجة الانتخاب الطبيعي، وأن العثة الملونة تطورت تدريجيًا إلى أن أصبحت داكنة.
ولكن، هذا يُعد خداعًا.
وذلك لأن كلا النوعين من العثة كان موجودًا منذ البداية.
لذلك، فلا مجال للتساؤل عما إذا كانت هناك أنواع جديدة قد نشأت نتيجة التحول من شكل إلى آخر.
ما حدث برمته كان تغيرًا في أعداد العثة التي كانت أنواعها موجودة فعليًا، فالعثة لم تكتسب أي أعضاء أو سمات جديدة والتي يمكن أن تؤدي "لتغير في الأنواع."
ومع ذلك، فما زال للموضوع جانب آخر أكثر تشويقًا يمكن الحديث عنه:
وبنفس الطريقة التي أوضحت أن التفسير التطوري غير صحيح، فهو أيضًا ينطوي على العديد من الخدع السافرة. في كتابه بعنوان "أيقونات التطور" – والذي نُشر عام 2000 – قام عالم الأحياء الجزيئية – جونثان ويلز – بوصف كيف أن التجربة التي قام بها كيتلويل كانت في واقع الأمر فضيحة علمية.
"العثة" – التي صُورت بواسطة كيتلويل – "الموجودة على لحاء الأشجار" كانت في واقع الأمر ميتة.
ثبت كيتلويل هذه المخلوقات الميتة على لحاء الأشجار بواسطة الدبابيس والمواد اللاصقة ثم بعد ذلك قام بتصويرها.
لم يجد كيتلويل منذ أن استقرت هذه العثة على الجانب السفلي للفروع وليس على جذوع الأشجار أي وسيلة ممكنة لالتقاط مثل هذه الصور.
وأخيرًا، فقد تم إدراك أن ما قام به كيتلويل من أجل "العثة المرقطة" كان مبنيًا على تجربة زائفة.
واجه الباحثون الذين قاموا بالتحقيق والتقصي في شأن العثة المرقطة شيئًا غريبًا ومثيرًا للاهتمام، فبينما يتوقع البعض وجود عدد كبير من العثة الملونة التي لم تتأثر بالتلوث الصناعي في هذا الجزء من بريطانيا، إلا أن الحقيقة أظهرت وجود عدد كبير من العثة المرقطة والذي يفوق 4 أضعاف عدد العثة الملونة.
بمعنى آخر، ليس هناك أي علاقة بين أعداد العثة وبين نوع لحاء الأشجار كما كان يزعم كيتلويل، ورغم ذلك فإن هذا الأمر يتم تكراره في جميع المراجع الخاصة بالتطوريين.
سبب انهيار نظرية العثة المرقطة – والتي كانت تُعد للعديد من العقود بمثابة العنصر الأساسي في "المدخل للمقررات الدراسية المتعلقة بنظرية التطور" – خيبة أمل هائلة بين مناصري نظرية التطور.
أدلى واحد من هؤلاء التطوريين ويدعى جيرى كوين بهذا الاعتراف:
رد فعلي والذي يبين مدى استيائي وفزعي من هذا الأمر مشابه لذلك عندما اكتشفت – وأنا في سن السادسة – أن أبي هو من يحضر الهدايا في ليلة عيد الميلاد وليس سانتا.
وبالتالي، فقد أصبح هذ الشيء – والذي تم اعتباره "أشهر مثال على الانتخاب الطبيعي" – تاريخيًا مجرد فضيحة علمية أخرى.