إحدى الصفات الأساسية لدى المسلمين هي أنهم يحبون الله ورسله وأنبياءه وكل هؤلاء الذين يعيشون حياتهم لرضا الله تعالى. وولي الله هو أيضًا ولي للمؤمنين، فالذي يحب الله سيحب عباده الذين يحبهم الله سبحانه، وهذه الصلة من الحب والصداقة بين المؤمنين تم الحديث عنها في القرآن كما يلي:
" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ" سورة المائدة 55.
في آية "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.." سورة الحجرات 10، يبين ربنا عز وجل أن المؤمنين مثل الإخوة، وأن العلاقة بين المسلمين، مثل العلاقة بين إخوة الدم، وهي بالتالي مبنية على الحب العميق، كما أن المسلمين يدافعون ويحرص بعضهم على بعض.
إنه الله سبحانه وتعالى، المصدر الحقيقي للحب، هو الذي يخلق هذا الحب القوي بين المؤمنين.
"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا" سورة مريم 96.
الحب سيسود في الجنة
جميع المسلمين يتمنون دخول الجنة، ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن يحب بعضنا بعضًا لأن جميع المسلمين في الجنة هم مجتمع واحد من الإخوة. ووصف الله تعالى للجنة في القرآن يتحدث دائمًا عن السرور والصداقة والحب والكلام الطيب والسكينة والهدوء الموجودين فيها.
" وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ " سورة الحجر 47.
"فِي جَنَّاتِ النَّعِيم(12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)" سورة الواقعة.
المسلمون في الجنة مجتمع واحد، وليس هناك تفرقة بين الفصائل، أو جماعات وطوائف لا يحبون بعضهم، فجميعهم إخوة. ومن الضروري أن يتم تطبيق هذا النموذج، الموجود في الجنة والذي بينته آيات القرآن، أيضاَ في عالمنا هذا. ورابط الحب الذي يشعر به المسلمون نحو بعضهم يجب أن يتضمن جميع الفرق والطوائف بل وجميع العالم الإسلامي في الحقيقة، فجميع المسلمين إخوة بغض النظر عن عرقهم أو لغتهم أو بلدهم أو فرقتهم.
ولكن في الوقت الحالي فالعالم الإسلامي ممزق ومنقسم، والله تعالى قد أرانا الطريق لمحو هذا الفساد، فربنا سبحانه بين لنا بوضوح النموذج الذي يحبه ويرضاه، وهذا النموذج هو ما يجب أن يكون.
" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ" الصف 4.
من الضروري أن يكون المسلمون يدا واحدة
لقد أصدر الله تعالى أمرًا في سورة آل عمران، أنه من الواجب علينا ألا نتفرق، بل أن نتمسك ببعضنا بقوة وأن يساعد أحدنا الآخر، وأن نقضي على الفساد بعقلانية.
" وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا" سورة آل عمران 103.
ولهذا السبب يجب على كل مسلم أن يجتهد لتحقيق الوحدة بين جميع المسلمين في العالم، في المساجد وفي المدارس وفي العمل وعلى مواقع الإنترنت التي يقومون بزيارتها، وفي الأعمال الخيرية أو المؤسسات التي ينتمون إليها، ويجب عليهم أيضًا أن يقوموا بتشجيع المسلمين على هذا الخط.
يجب ان يحب المسلمون بعضهم، وألا يكون هناك مسلم يخاصم أخاه في الإيمان، وأن لا يرفض أن يصلي في مسجد مسلم آخر، أو يرفض أن يلقي التحية عليه، أو أن يقرأ كتابًا من كتبه، أو ان يقوم بالاختلاف معه لأتفه الأسباب. فليحيي المسلمون بعضهم بعضا وليتحدث بعضهم إلى بعض ، وليجلسوا معًا إلى طاولة واحدة، وليظهروا العاطفة والحماية والحرص على بعضهم. ليجتمع المسلمون معًا في تواضع وتفهم لتيقربوا إلى الله أكثر وليقوموا بخدمة دينه بشكل أفضل.
يقوم المسلمون جميعًا بالدعوة الى الحضارة إسلامية العظيمة التي تنير العالم، وتنفع المسلم وغير المسلم، وتجيء بالعدل والسلام إلى العالم، وبها سيزدهر العالم من جديد. وأفضل أهم الخطوات إلى تلك الحضارة هي أن يمتلك المسلمون حبًا خالصًا تجاه بعضهم، وبإذن الله، سيكون لمؤسسة الوحدة الإسلامية دور فعال لتحقيق كل هذه الأمور.