إخوة سيدنا يوسف (عليه السلام) الذين ألقوه في بئر .. كانوا منافقين أيضًا

مُقتطف من البث المباشر لحديث عدنان أوكطار على قناة A9TV بتاريخ 20 سبتمبر 2015

 

عدنان أوكطار: أظهر إخوة سيدنا يوسف (عليه السلام) علامات النفاق، عندما وضع سيدنا يوسف السقاية داخل بضاعتهم، ألقى إخوته باللوم فورًا على أخيهم الأصغر، وقالوا "لقد اعتاد على السرقة على أية حال، وأخوه كان مثله'". تمعّن، لقد اتهموا سيدنا يوسف (عليه السلام) بالسرقة، المنافقون ليسوا لصوصًا فقط، لكن تميل نفوسهم أيضًا لإلقاء الافتراءات والخيانة والمؤامرات.

فمثلًا، نرى هنا مثالًا نموذجيًا على سلوك المنافقين، المنافقون في غاية الدناءة، ولا يوجد لديهم أدنى قدر من المبادئ، أو الشرف، وأرواحهم بليدة مثل الحيوانات التي قد تفعل أي شيء لإشباع رغباتها البدائية، أرواحهم مثل أرواح الخنازير.

كوك آلب بارلان: لقد قلت إنَّهم فوق كل شيء يغارون، يغارون من أخيهم يوسف (عليه السلام).

عدنان أوكطار: إنهم حاسدون جدًا، حاسدون لأقصى حد، يشعر المنافقون بالإهانة لو شُمل شخصٌ غيرهم بالحب، يريدون كل الاهتمام منصبًا عليهم، لهذا يبدون مشتاقين للحب، لكن هذا ليس حبًا، إنَّه كبرياءٌ وغرور. غرضهم هو الشعور بالسمو، يحقدون على الحب الذي يتلقاه سيدنا يوسف (عليه السلام) ويُحاولون قتله، انظر إلى أي مدى تنحرف وتتلوث قيم المنافقين الأخلاقية، لا يُطيق المنافقون أن يُشمل أحدٌ غيرهم بالحب.

يريدون كل الاهتمام منصبًا عليهم، يريدون من الجميع أنْ يحبونهم، ولا يُحبون غيرهم. والغاية من وراء تلك الرغبة في الحب هي الشعور بالتفوق، أعني، هم لا يهتمون بالحب بمعناه الحقيقي، ويبنون حياتهم كلها حول التفوق والسُمعة، إنهم قادرون على حياكة كل أنواع المؤامرات والخطط في سبيل ذلك.

على سبيل المثال، انظر إلى أنواع الخطط وأشكال الخيانة التي وظَّفوها لقتل سيدنا يوسف (عليه السلام)، فمثلًا، فكروا في تركه في قاع بئر، أو طرق أخرى لإلحاق الأذى به. تلك المرأة كانت مثلهم كذلك، لأنَّها تملك روح النفاق، ومن المُفترض أنَّها تُحبه، في حين أنَّها تتحول للعناد وتُصبح أنانية.

وبسبب انحرافها وأنانيتها، تقول: "كيف تعصي أوامري؟" ولم تكن رغبتها في إرساله إلى السجن مدفوعة بالحب لسيدنا يوسف (عليه السلام).

هل يسجن المُحب حبيبه؟ لقد مكث في السجن سبع سنوات، هي لا تعرف هذا، ولا تكترث حتى، سبع سنوات. هل هذا شيء يُقدم عليه شخص يُحب؟ يكنُّ المنافقون كرهًا وضغينة هائلين.

يستغلون الحب من أجل التفاخر، والشعور بالعظمة والتفوق، كما يقول الله تعالى: "ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ"، لا يُدرك المؤمنون ذلك، بسبب نواياهم الحسنة، يُظهرون التعاطف والحب نحوهم، لكن يقول الله أنَّ تلك المخلوقات الخائنة لا تُحب، "لا يعرفون الحب"، ولهذا السبب، يبدأ المنافقون في الانحراف، والتصرف بشراسة عندما لا يُحبهم أحد، ولا يعيرهم أدنى اهتمام.

مثلما يحدث عندما تتوقف عن منح الطعام لحيوان، فيصبح شرسًا وعدوانيًا وعنيفًا، لو توقفت عن منح الاهتمام والحب للمنافقين، يُصبحون عنيفين، وعدوانيين مثل الحيوانات.

تتزايد الوقاحة والعدوانية بشكل كبير، وتصبح سلوكياتهم وتعبيراتهم عدوانية، لأن هذا شيء يتحدى غرور المنافقين وأنانيتهم. لأنَّهم يريدون من الناس أنْ يُحبونهم حتى يتباهوا أمام الآخرين، وتم ذِكر هذا الموضوع بالتفصيل في سورة يوسف.

جانْ دَاغ ْتَكينْ: لقد قُلت: "يمكن للمنافقين استخدام أعينهم أيضًا". وقلت: "يمكن أنْ يبكوا متى أرادوا". نفس الأمر ينطبق على إخوة سيدنا يوسف (عليه السلام).

عدنان أوكطار: نعم، إنَّهم يُظهرون القيم الأخلاقية التقليدية للمنافقين، فيمكنهم مثلًا البكاء عند الرغبة في ذلك، متى أرادوا ذلك، ويمكنهم الكذب وتخرج كلماتهم كما لو كانوا صادقين، ومتسقين مع أنفسهم، وتجد خداع المنافقين وأكاذيبهم مذكورة بالتفصيل في سورة يوسف.

المنافقون مُخادعون إلى درجة لا تُصدق، يمكنهم الكذب بسرعة إذا ما وُضعوا في موقف حرج، ويتنقلون من موضوع لآخر، ويمكنهم بدء الكذب فورًا، وهم أُناس في غاية الشر.

يُمكن ملاحظة ذلك فقط من خلال يقظة وعمق وصاية وبصيرة الأنبياء، ولأن الناس لا يُلاحظون ذلك، يقول الله تعالى: "ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَ"، وبدون أنْ تدركوا "لا يُحِبُّونَكُمْ"، لأنَّ كل ما يُفكر فيه المنافقون هو الغرور والأنانية والتفوق، هذا هو هدفهم الأوحد.

كوك آلب بارلان: أنت قلت، "يُزيفون الأدلة" مُشيرًا لآية من القرآن عن وضع دم مُزيف على القميص.

عدنان أوكطار: بالفعل، لقد جهزوا قميصًا به دم، وأخبروا الجميع أنَّ حيوانًا قتل سيدنا يوسف (عليه السلام)، وهذا يُظهر لنا إلى أي مدى يمكن أن يُصبح المنافقون مُرعبين، والمدى الذي وصل إليه انحرافهم.

يُظهر لنا القرآن مدى ضعفهم أمام القتل، ومدى قدرتهم على ارتكاب كل خيانة، ومدى انعدام الأخلاق الذي يُمكنهم بلوغه. لكن انظر، إنَّهم يساعدون سيدنا يوسف (عليه السلام) بدون قصد لكي يُصبح نبيًا، وسلطانًا على مصر، ألا ترى ذلك؟ بدون المنافقين لما تمكن من أن يُصبح سُلطان مصر، ففيما هو مُقدر لسيدنا يوسف (عليه السلام)، جعل الله المنافقين سببًا لنجاحه.

منحه الله ثروة هائلة، وجمالًا وشبابًا ومُلكًا وسلطةً ونجاحًا وذكاءً وحكمةً، وكل أنواع الجمال، وبالطبع، الجنة في نهاية المطاف، يظن الناس في المُعتاد أنَّ المنافقين يجب أن يكونوا مؤذيين، لكنهم مُفيدين للمؤمنين إلى حد لا يُصدق.

المنافقون بالنسبة للمؤمنين قوة هائلة تدفعهم للإيمان، لكن في النهاية، يُدمر المنافقون أنفسهم، هذه قضية أخرى. مثل الشيطان، دمَّر الشيطان نفسه، لكنَّه يُساعد المؤمنين عن قصد في الذهاب إلى الجنة، وكما تعرف، يُساهم الشيطان في تمكن المؤمنين من الصعود في درجات الجنة، فالشيطان عنصرٌ مهم في حساب الآخرة، الشيطان، والنفس.

فمثلًا، النفس مخلوق خُلق عدوًا لله، وكذلك الشيطان، لكنهما يُساهمان معًا في دخول المؤمنين الجنة، وينطبق نفس الأمر على المنافقين، في النهاية يُصبحون السبب وراء دخول المسلمين الجنة، ويجب أن نحتفظ بتلك الحقيقة في ذاكرتنا عندما نُفكر في المنافقين، لكن بدلًا من اعتبار المنافقين أندادًا، يجب بالطبع تذكر أننا يُمكن أن نكون منافقين أيضًا.

يجب علينا التحلي بالانضباط الذاتي عن طريق أخذ آيات القرآن بصفة شخصية، والخوف من الله، لا يهتم المنافقون بتلك الآيات على أية حال، يسعون في المعتاد وراء صناعة خدع وخطط جديدة، الجانب اللصوصي من شخصية المنافقين مشروح بوضوح في القرآن، نزعتهم للّصوصية،

ونزعتهم للتآمر، وحقيقة أنَّهم يحيكون الخطط للسرقة، مشروحة أيضًا بالتفصيل في التوراة، وكذلك في الأحاديث، يضعون أولًا العمل التمهيدي قبل سرقة أي شيء، ويُحدثون المشاكل أينما ذهبوا. فمثلًا، لا يسرقون فقط من المسلمين لكن من الكافرين أيضًا.

على سبيل المثال، يذهبون إلى متجر ويسرقون، ويذهبون إلى محل العمل ويسرقون شيئًا من هناك أيضًا، إنَّه في تكوينهم، يتوقعون أن يتم منحهم كل شيء، ولا يريدون اكتساب أي شيء من خلال العمل الشاق، يريدون كسب معيشتهم من خلال السرقة والاحتيال، فهم كائنات تستخدم، وتُنفق بضائع المسلمين عن طريق سرقتها.

السبب وراء أنهم لصوص هو أنَّهم يأخذون البضائع بدون اكتسابها، لأنَّ بضاعة المؤمنين - في المعتاد - للمؤمنين، لكن لأنَّه كائن بين الكافرين، ولأنَّه شرير، لا يرغب المؤمنون في مساعدة أو إطعام الشيطان، لهذا، يُعتبر كل شيء يأكلونه أو يشربونه مسروقًا.

وفي الآخرة، سيندمون على كل قطعة ممتلكات سرقوها، لأنَّهم رغم عدم كونهم مسلمين، يتظاهرون بذلك ويعيشون بين المسلمين، لهذا هم يخدعون المسلمين، وكل أصل ينتمي للمسلمين يستغلونه يُعتبر مسروقًا، وسيُسألون في الآخر عن كل هذا كلصوص.

فمثلًا في هذا المثال، كانت المرأة مولعة للغاية بغرورها، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ"، تشعر بالإهانة بسبب توجيه اللوم لها، "وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ" تمعن، عندها نوبة من الأنانية والفساد، "لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ". (سورة يوسف آية 32)، تقول: سأحط من قدره.

تظن أنَّ بإمكانها إذلاله، والتقليل من شأنه حتى يرضخ لتفوقها، لأنَّها أنانية، لكنَّه لن يُذل، على العكس، ستزداد جدارته بالاحترام، إنَّها هي من ستُذل وستُهان. وإرسال سيدنا يوسف (عليه السلام) إلى السجن جعله أكثر احترامًا، جعله جديرًا بالاحترام تمامًا.

أصبح جليلًا في نظر الله، لكن المرأة أُهينت، وتدنى مقامها، إنَّها تدَّعي حُبها له، لكن هذا ليس بحب، هذا طموح للتفوق على النساء الأخريات، لأنَّها نادت على النساء الأخريات، إنَّها أنانية حتى وهي حولهم، ونميمتهم تثير حفيظتها، وتريد أيضًا إذلال النساء الأخريات حتى تُعظِّم من نفسها.

أعطت النسوة السكاكين كما تعرفون، وبالفعل فُتنوا للغاية بسيدنا يوسف (عليه السلام)، وقطّعن أيديهن، لأنَّهم أُغروا وسُحروا به، إنَّه إنسان وسيم، شعروا بالانجذاب نحوه وذُهلوا. 

يمكن حدوث هذا الأمر مع الإثارة الشديدة، يفقدون السيطرة على أيديهم، بسبب الإثارة القصوى، وتقول: "انظروا، يمكنكم رؤيته، ففُتنوا به، لماذا تدينونني؟ أنا الآن متفوقة عليكن، وأنتن أقل شأنًا مني"، فالتفوق هو كل ما يشغل تفكيرها، ولا تهتم بالحب.

والسبب وراء رغبتها في إرسال سيدنا يوسف (عليه السلام) إلى السجن هو طموحها نحو التفوق. وإخوة سيدنا يوسف (عليه السلام) لا يهتمون أيضًا بالحب، يهتمون فقط بالتفوق، والمنافسة، "كيف يُحبه أكثر منا؟" لأنَّهم يعتقدون أنَّ رفعة شأنهم في وجوده غير ممكنة، حتى أنَّهم حاولوا قتله.

لهذا السبب، كل انعدام أخلاق، وخيانة ولؤم ووقاحة، وادعاء بكاء وتحريض، وكل خدعة يلعبها المنافقون من أجل الحب، هي في الواقع مُخطط واحد كبير، كل هذا مُخطط لتحقيق شعور بالتفوق، فهي لا تنبع من الحب، لأن الله يقول في آية: "فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ" يقول الله إن أعينهم تدور في محاجرها، ويقفون ثابتين، وتراهم ينظرون إليك بنظرة خاوية وتعبير مليء بالرعب.

هذا يعني أننا سنرى تلك التعابير، كما عبر عنها القرآن. فمثلًا، يذكر الله الرمان، ويمكننا جميعًا رؤية الرمان، ويذكر الموز، ويمكننا كلنا رؤية الموز، ويقول الله الشمس، ونرى الشمس، ويُخبرنا عن المنافقين، وسنرى المنافقين أيضًا، لهذا السبب، لن يسأل المؤمنون أبدًا لماذا يوجد منافقون وكفار حولهم، إنَّهم يعتبرونهم نعمة، لأن وجودهم يساعد المؤمنين في زيادة إيمانهم وقوتهم، ويساعدهم على رفع شأنهم.

أوكطار بابونا: يقول رسولنا (صلى الله عليه وسلم) في أحد أحاديثه إنَّ الآية، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ"، وسيُكشفون للإمام المهدي عليه السلام.

عدنان أوكطار: بالفعل، الرسول قال حديثًا بهذا المعنى، إن شاء الله.