المنافقون يتوقون إلى حياة خالية من الشرف يمارسون فيها الاستعلاء وتسبب لقلوبهم العناء

مقتطفات من حديث السيد عدنان أوكطار على قناة A9TV بتاريخ 14 أبريل 2016

 

 

عدنان أوكطار: نحن نناقش صفات المنافقين على أساس فردي، ولو حاولتم معرفة كل علامات المنافقين في يوم واحد فإن هذا سيكون أمرًا مهلكًا. لذلك فنحن نقسمهم لثلاث أو أربع فئات على الأقل بالاستعانة بما أخبرتكم به من قبل. استمعوا إلى ما قلت لكم مرة أخرى، ولو حاولتم التواصل معهم بطريقتكم الخاصة فإن الأمر سيكون مربكًا، لذا فربما كان من الجيد بالنسبة لكم أن تنطلقوا من حيث أخبرتكم. يمكنكم مشاهدة أشرطة أحاديثنا حول المنافقين مرة أخرى، وكذلك المقتطفات من هذه الأحاديث، وأعتقد أن الفهم الجيد للاستنتاجات الكامنة في هذه الأحاديث سوف يعود بالنفع عليكم، وبالطبع يمكنكم الزيادة عليها.

المنافقون لديهم تصور فاسد للحرية، ما يسعون إليه هو ألا يكون هناك دين ولا قيادة دينية ولا عبادة، وسوف يتعاونون مع الكافرين ويبطنون الكبر في قلوبهم. إنهم لا يتبعون إمامًا؛ ولن يُبدوا لهم أية طاعة أو التزام، بل إنهم يزدرونهم، يستسيغون الحياة في خسة ووضاعة واستعلاء بحيث يمكنهم بذلك التسلل والسرقة وإثارة القلاقل ثم الإفلات من العدالة، وعندما يتم القبض عليهم وإيداعهم في السجون يخرجون أيضًا من هناك. يحبون الدنيء من كل شيء؛ تدبير الدسائس والغيبة والنميمة وصغائر الأمور، يستعذبون هذه السيئات، ومع ذلك ففي بعض الأحيان من الممكن لشخص لديه ميل للنفاق أن يقوم بتصحيح مساره، وألا يسيطر عليه النفاق، وهذا أمر جيد لأولئك الذين تابوا عن سبيل المنافقين، وأولئك هم الذين نجوا من الهلاك. لم يعترف المنافقون في أيّ من مراحل التاريخ بأي شخص كإمام لهم؛ لا النبي موسى (عليه السلام) ولا نبينا (عليه الصلاة والسلام) ولا أيّ من الأنبياء الآخرين. بالطبع لا يوجد الآن أنبياء؛ أنا أشير إلى عصر الأنبياء، لم يعترفوا بالنبي إبراهيم (عليه السلام) ولا النبي نوح (عليه السلام) إمامًا لهم. لم يستجب المنافقون لتوجيهات الأنبياء وكانوا دائمًا ما يتعاملون معهم بكبر وتعال. يبرز المنافقون دائمًا من بين المتعلمين، الأشخاص الذين يقرأون ويدرسون، وبعبارة أخرى، الأشخاص الذين يتمتعون باللؤم والدهاء. في سورة المدثر يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن منافق يطلب منه المنافقون الآخرون أن يختبر القرآن، يقولون له: "اقرأ القرآن وانظر هل هو حقًا منزلٌ من عند الله، وإذا كان كذلك فإننا سوف نلتزم به، ولكن إذا لم يكن كذلك ..." لذلك فقد درس القرآن بتمعن، وعندما أتم دراسته تجهم وقطب وجهه وقال للمنافقين: "هذا كتاب مُفترى خطّه بشر" (تجلى القرآن عن هذه الظنون)، على الرغم من أنه قد أيقن أنه ليس كذلك. يفطن إلى الترميز الرياضي في القرآن الكريم المبني على رقم تسعة عشر، بعبارة أخرى، يوقن بإعجاز القرآن ولكنه يستسلم لعناده وغروره ويقول العكس. ولأن الناس قد أنزلوه منزلة عالية كقائد عظيم ولأنه لا يريد أن يريق ماء وجهه، فإنه لا يقر بحقيقة أن هذا القرآن أُنزل حقًا من عند الله، وبالتالي فما الذي يتعين عليه القيام به للحفاظ على هيبته؟ يُكذّب ويكفر علّه يكون بهذا أشد هيبة من القرآن الكريم ومن النبي صلى الله عليه وسلم، (تجلى القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القول). لذلك يقول إن القرآن الكريم كتابٌ أرضيّ مُفترى (تجلى القرآن الكريم عما يقولون). يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم إنه سوف يكون هناك تسعة عشر ملكًا يجرون المنافق إلى الجحيم، لأنه يظن نفسه حرًا طليقًا هنا في هذه الدنيا. وهؤلاء الذين يتخذونه إمامًا عظيمًا لهم سوف يرون ما سيحل به في نار جهنم، وسوف يدركون خطأهم، ولكن سيكون ذلك بعد فوات الأوان.

وفي بعض الأحيان فمن الممكن لهؤلاء الذين لديهم ميل واضح للنفاق أن يتوبوا عن هذا الطريق، ويشير الله سبحانه وتعالى إلى هذا في القرآن الكريم فيقول: "ضَاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ"، شعروا بالضيق وانقبضت صدورهم بسبب الخطأ الذي ارتكبوه، ولذلك فقد تحولوا إلى الإسلام مرة أخرى. في بعض الأحيان يعتقد المنافقون أن الكافرين غاية في السطوة، لذلك فإنهم حين يدركون أنهم قد بالغوا في تقدير الكافرين، وأن الكافرين ليسوا أقوياء كما كانوا يظنون، فإنهم يعدلون عن سبيل المنافقين، وينسلخون عن نفاقهم. ولكنهم في بعض الأحيان يقيمون على نفاقهم في الخفاء، يقل نفاقهم ولكنه لا يتلاشى تمامًا. يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) إن الإسلام قد يضعف في نهاية الزمان لحين مجيء المهدي (عليه السلام) ولكنه لن يزول بالكلية. ولكن في زمن السيد المهدي (عليه السلام) سيحدث عكس ذلك؛ سوف يزداد الإسلام قوة وسوف يَضعُف الكافرون حتى يشارفوا على الهلاك، ولكن مثل غشاء رقيق ينمو ليصبح أكبر وأكثر سمكًا سوف ينمو الكافرون كذلك من بذورهم ومن أطلالهم مرة أخرى ليسيطروا على العالم بعد وفاة المهدي (عليه السلام) والمسيح عيسى (عليه السلام).