الحلقة الثانية: الانفجار العظيم

الكوكب المعجزة

الحلقة الثانية: الانفجار العظيم

تعليق صوتي

الكون، إنه لا نهائي، رائع ومثير بدرجة مذهلة، بكواكبه التي تبلغ أحجامها أضعاف حجم الأرض، والثفوب السوداء الضخمة التي تتحدى بنيتها القوانين الفيزيائية المعروفة، والمفاعل النووي الشمسي الذي يعتبر مصدر إمدادنا بالطاقة، ومليارات من مدن النجوم التي تشكل المجرات.

يُعدّ الكون كبيرًا حقًا بدرجة لا يمكن تخيلها وممتلئًا بالعجائب التي تنتظر اكتشافها، إنه شاسع لدرجة تجعلنا غير قادرين على تحديد حدود الكون.

فوفقًا لأحدث أبحاث الفيزياء الفلكية، تبلغ حدود الكون التي يمكن رصدها 93 مليار سنة ضوئية قُطريًا. إذ إن هذا الرقم يتجاوز إدراكنا تمامًا.

علينا فقط أن نضع في عين الاعتبار أن الضوء ينتقل بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية، وهي السرعة التي قد تسمح لفوتون ضوئي واحد أن يسافر سبع مرات حول العالم في ثانية واحدة.

93 مليار سنة ضوئية، رغم أننا لا نزال غير قادرين على استيعاب هذا الرقم، فالموقف أعقد بكثير بسبب وجود استنتاج آخر: وهو أن الكون يتسع في كل ثانية بمعدل مقلق، كما أن السرعة تزيد تدريجيًا.


 

مقدم الحلقة الأول = إندر

في هذه الحلقة من سلسلة "الكوكب المعجزة"، سوف نبحث في اتساع الكون الهائل، وموقع عالمنا فيه. سنلقي نظرة أيضًا على بداياته الأولى: "الانفجار العظيم"، وهي لحظة ميلاد كوننا، وبعض الاكتشافات الفلكية المذهلة.

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

تعتبر المعلومات العلمية مهمة لنا، فكل معلومة جديدة عن الكون نحصل عليها، تسمح لنا أن نوسِّع آفاقنا أكثر، وبفضل الله كلما تتسع آفاقنا وتزيد معرفتنا، تزيد خشيتنا ومهابتنا لقوة وعظمة وحكمة الله المطلقة.


 

مقدم الحلقة الأول = إندر

لنبدأ هذه الحلقة من "الكوكب المعجزة".

 

تعليق صوتي

موقعنا في الكون

إن لم تكن عقولنا قادرة على إدراك النطاق الهائل للكون، فكيف يمكننا أن نعرف موقعنا فيه؟

يمكننا أن نتخذ حجم العالم "نقطةً مرجعيةً" تساعدنا على فهم الحجم الحقيقي للكون.

على سبيل المثال، إحدى النقاط المرجعية يمكن أن تكون قطر الشمس الذي يبلغ 103 أضعاف حجم الأرض. دعونا نشرح هذا المثال باللجوء إلى مقارنة، إن افترضنا أن حجم الأرض هو في حجم كرة زجاجية (قلول/ دعابل/ بلية)، سنجد أن الشمس هي عبارة عن كرة يبلغ حجمها ضعف كرة قدم. لكن المدهش حقًا هنا هو المسافة بينهما. من خلال اتباع النموذج السابق، نجد أن أرضنا، التي تساوي حجم كرة زجاجية، تبعد عن الشمس، البالغ حجمها ضعف حجم كرة قدم، بمسافة 280 مترًا. فإن طبقنا هذه الأرقام على النظام الشمسي، سنكون في حاجة إلى وضع الكواكب على مسافة كيلومترات.

قد تستنتجون، من خلال هذه المحاكاة، أن النظام الشمسي ضخم للغاية. إلا أنه عند مقارنته بحجم مجرة درب التبانة، التي يقع النظام الشمسي داخلها، ستجدون أن حجم النظام الشمسي بسيط بدرجة ما، يعود السبب في هذا إلى أن مجرة درب التبانة تحتوي على 250 مليار نجم، حتى أن كثيرًا منها أكبر من الشمس.

وتحتوي مجرة درب التبانة على مجموعة هائلة من النجوم التي قد تستغرق منك 100 مليار سنة كي تنتقل بطائرة من نجم من بينهم إلى نجم آخر، على الرغم من هذا، ما يعد مذهلًا حقًا أن مجرة درب التبانة تعتبر في العموم مكانًا "صغيرًا" في الفضاء. توجد مجرات أخرى في الفضاء، إذ تقدر أعدادها في واقع الأمر بحوالي 200-300 مليار مجرة، وكلما يستمر اكتشاف المزيد، يبقى العدد الحقيقي غير معروف.

 

 

الأرض الصغيرة في الكون

مقدم الحلقة الأول = إندر

خُلق عالمنا باعتباره مكانًا خاصًا للغاية من أجل الحياة ضمن حدود الكون شديد الاتساع لدرجة لا يمكننا معها أن نصل إلى حدوده. إذ إن جبال الكوكب التي يبلغ ارتفاعها آلاف الأمتار، والسهول الواسعة والمحيطات الهائلة تجعل العالم يبدو ضخمًا بالنسبة لنا، ولكن عند المقارنة مع أبعاد الفضاء الشاسعة، سنجد أنه تقريبًا يشغل حيزًا ضئيلًا.

وعندما نفكر في عرض الكون وحجم الأجرام السماوية، سنجد أن العالم يبلغ صغر حجمه مثقال ذرة من الرمال في يدي.


 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

إن هدفنا هو تصوير رؤية عن موقعنا الصغير في الكون، أوضح من صورة النقطة الزرقاء الباهتة التي ترونها على الشاشة الآن.

أجل، مثلما خمنتم تقريبًا، تعرض هذه النقطة الصغيرة الزرقاء في الصورة عالمنا وحده في الفضاء الشاسع.

التقط المسبار الفضائي فوياجر 1 صورة فوتوغرافية من مسافة مذهلة بلغت 6.4 مليار كيلومتر من كوكب الأرض.

وقد علق عالم الفلك في حديثه عن هذه الصورة المثيرة للإعجاب، قائلًا:

 

تعليق صوتي

فكر مليًا في هذه النقطة، إنه هنا، هذا هو وطننا، هذا هو نحن، وعليها يعيش كل شخص تحبه وكل شخص تعرفه وكل شخص سمعت عنه من قبل، وكل إنسان كان حيًا من قبل، كلهم عاشوا حياتهم هنا.

لذا فإن مكانتنا، وأهميتنا الشخصية، والوهم الذي لدينا بأننا نمتلك موقعًا متميزًا في هذا الكون، كل هذا يتحداه هذا الضوء الخافت. إذ يعتبر كوكبنا بقعة وحيدة في الظلام الكوني العظيم الذي يغلفه.


 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

يمكننا أن نتفهم موقعنا في الكون بشكل أفضل بسبب التقدم في مجال العلوم، وإننا ندرك مقدار خطئنا بأن ننظر إلى أنفسنا نظرة شديدة التعظيم.

 

تعليق صوتي

 

صورة فوتوغرافية لحقل هابل العميق الفائق

في عام 2004، دققنا النظر إلى الماضي أبعد من أي وقت مضى، والتقطنا الضوء من أبعد المجرات الموجودة في هذا الكون.

مقدم الحلقة الأول: إندر

ثمة صورة أخرى مهمة تساعدنا على تحقيق فهم أفضل لحجم الكون، صورة فوتوغرافية للفضاء العميق، لنلق نظرة عليها معًا.

تعليق صوتي

التُقطت الصورة التي تشاهدونها على الشاشة عن طريق مرصد هابل الفضائي على مدار فترة استغرقت 11 يومًا، ركزت عدسة هذا المرصد الشهير على كوكبة الجبار عند نقطة صغيرة للغاية من الفضاء تحت كوكبة الصياد. أصبحت الصورة التي التقطها المرصد واحدة من أكثر الصور السماوية التي تحدثوا عنها في العصور الحديثة.

لا تشكل كل نقطة ضوء صغيرة في الصورة - التي تسمى "حقل هابل العميق الفائق" - صورةً لنجم، بل إنها في الحقيقة مجرة تحتوي على مئات المليارات من النجوم، إنها في الحقيقة صورة لحوالي 10 آلاف مجرة.

تقع أبعد المجرات في هذه الصورة على بعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية. أتاح لنا مرصد هابل أن ننظر للوراء إلى بداية الوقت نفسه، ونقدم دلائل هامة من الفضاء العميق حول كيفية بدء الكون.


 

مقدم الحلقة الأول = إندر

يكفي ما قدمناه من الأمثلة القليلة التي جعلتنا نرى الأجرام السماوية العظيمة وعجائب الكون؛ لكي ترينا إبداع الله في خلقه. يدعو الله الناس لأن يفكروا في خلق السماوات في سورة النازعات، إذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)".

إن إبداع خلق الله في السموات عظيمٌ وجليلٌ للغاية.

وكما ذكرنا من قبل، يعتبر الكون شاسعًا للغاية، حتى أنه يصعب معه استيعاب معنى الأرقام التي تُستخدم لوصفه، مثل مليار سنة ضوئية.
 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

إلا أن ثمة حقيقة واحدة نعلمها جميعًا، وهي أن كل ما ذكرناه من قبل لم يكن موجودًا قبل 13.8 مليار عام، فالمادة لم تكن موجودة، وحتى الوقت والفضاء لم يكونا حاضرين.

ثم فجأة، جاء الكون وكل ما يحويه إلى الوجود، مما يعني أن جميعها خُلقت.

 

تعليق صوتي

الانفجار العظيم

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

أبرزت كل الأبحاث التي أُجريت خلال المائة عام الماضية أن الكون يتسع، ومن خلال تتبعه إلى الماضي يمكننا رؤية أنه بدأ من نقطة واحدة. تعرض لنا الحسابات التفصيلية التي أجراها العلماء أنه من الضروري لجميع المواد الموجودة في الكون أن تكون مشتملَة في هذه "النقطة الوحيدة"، وهي ما ستكون "في حجم الصفر" ولكن بـ "كتلة لا نهائية". يُطلَق لفظ "الخلق" على الشيء الذي أتى إلى الوجود من لا شيء.

ويطلق تعبير "الانفجار العظيم" على اللحظة الأولى التي خُلق فيها الكون.

وتعرض الأبحاث العلمية التي أُجريت على التوازن الدقيق للانفجار الكبير أنه بعيد كل البعد عن كونه انفجارًا عشوائيًا.

إذ إن كل الانفجارات الأخرى التي نحن على دراية بها تتسبب في تدمير نظام موجود، إلا أن الانفجار العظيم أنتج نظامًا مذهلًا في الكون من كتلة صفرية، أو من لا شيء.

لنعود الآن إلى بداية الكون منذ 13.8 مليار عام، ونقدم عن طريق التحقيق العلمي جوابًا لسؤال: ما الذي حدث عند اللحظة الحرجة التي أتى فيها كل شيء إلى الوجود؟ هيا بنا نشاهد.


 

تعليق صوتي

طُرحت فكرة الانفجار العظيم في عشرينيات القرن الماضي، باعتبارها نظرية توضح أن الكون كان له بداية، على يد عالم الكونيات والرياضياتي الروسي ألكسندر فريدمان والفيزيائي البلجيكي جورج لومتر. قُبلت النظرية لدى نطاق عريض من العلماء، لا سيما الفيزيائيون، بسبب الدلائل شديدة التفصيل التي قدمتها.

الكتلة اللا نهائية، والحجم الصفري، باختصار: اللا شيء، ثم فجأة لحظة من الوجود، لا تزال العلوم الحديثة غير قادرة على تفسير ما حدث في اللحظة الأولى للخلق: وهي 10-43 من الثانية، إنها تمثل وقتًا قصيرًا للغاية.

إنه 10-43 أو 42 صفرًا بعد العلامة العشرية ثم رقم "واحد" بعد كل هذه الأصفار.

تعرف فترة 10-43 من الثانية باسم "زمن بلانك". وتعتبر هذه المدة، التي حملت اسم العالم الألماني ماكس بلانك، قصيرة لدرجة أنها تحتاج إلى مصطلح خاص للتعبير عنها.

فما نعرفه وفقًا للدلائل العلمية هو كالتالي:

النجوم، والمجرات، والكتل التي تبني حياتنا، الكالسيوم الموجود في عظامنا والحديد الموجود في دمائنا، بالإضافة إلى العناصر الأخرى في أجسامنا مثل النيتروجين، والكربون، والهيدروجين. الذرات التي يحتاجها الهواء الذي نتنفسه والتي تحتاجها المياه التي نشربها، كل شيء.

كل هذا جاء إلى الوجود في لحظة "الخلق" التي تسمى "الانفجار العظيم".


 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

تعتبر الذرات والجزيئات هي أساس كل شيء نراه. وقد اكتشف العلماء إلى الآن 118 عنصرًا، و92 منها تحدث بصورة طبيعية.

عندما نفكر في مدى تعقيد الأشياء المحيطة بنا، يبدو هذا مذهلًا.

وفي نفس الوقت نعلم أن كل شيء في الكون، خارج حدود الأرض، يتكون من نفس الـ 92 عنصرًا.

 

مقدم الحلقة 1 = إندر

يتكون الصلب والمطاط والزجاج الموجود في السيارة من عدد من المواد المختلفة. وإن تعمقنا، نرى أن هذه المواد تتكون من مركبات من العناصر المتنوعة مثل الحديد والسليكون والكروم والكربون. فكل ذرة من السيارة خُلقت منذ مليارات السنين مع تشكُّل الكون.

لقد جاءت ذرات كل عنصر إلى الوجود خلال الدقائق الأولى بعد الانفجار العظيم، بما فيها: المواد الخام للأدوات التكنولوجية التي نستخدمها حاليًا، والأجزاء التي تتكون منها بناياتنا، والأوراق الموجودة فوق كل شجرة، ومركز الأرض، والمحيطات وأجساد البشر.

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

على سبيل المثال، المياه التي نشربها، إنها قديمة للغاية، فقد تكونت ذرات الهيدروجين بعد الانفجار العظيم في بيئة ذات درجات حرارة عالية بطريقة لا يمكن تخيلها. بعبارة أخرى، خُلقت ذرات الهيدروجين التي في هذه المياه منذ 13.8 مليار سنة.

والآن، لنلق نظرة على دليل الانفجار العظيم الذي قادته لأن يكون مقبولًا لدى المجتمع العلمي حول العالم.

 

تعليق صوتي

دلائل الانفجار العظيم

1- اتساع الكون

في عام 1929، ومن داخل مرصد جبل ويلسون في كاليفورنيا، توصل عالم فلك أمريكي يُدعى إدوين هابل إلى أحد أعظم الاكتشافات في تاريخ علوم الفلك. بينما كان هابل يراقب النجوم بمرصد عملاق، وجد أن الضوء القادم منها ينزاح إلى النهاية الحمراء من الطيف وأن هذا الانزياح يكون أكثر وضوحًا كلما كان النجم بعيدًا عن الأرض.

كان لهذا الاكتشاف تأثير مثير في عالم العلوم؛ لأن القواعد المعروفة للفيزياء تقول إن أطياف الأشعة الضوئية التي تنتقل نحو نقطة الرصد تميل للون البنفسجي بينما تميل أطياف الأشعة الضوئية التي تتحرك بعيدًا عن نقطة الرصد إلى اللون الأحمر.

إلا أن الضوء القادم من النجوم، خلال رصد هابل، اكتُشَف أنه يميل إلى الأحمر، مما يعني أنها كانت تتحرك باستمرار بعيدًا عنا.

توصل هابل إلى اكتشاف آخر مهم بعد فترة قصيرة من اكتشافه الأول: وهو أن النجوم والمجرات لم تكن تتحرك بعيدة عنا وحسب، بل إنها أيضًا كانت تتحرك مبتعدة عن بعضها بعضًا. وعليه، ثمة استنتاج وحيد يمكن التوصل إليه من هذا الكون الذي تتحرك كل الأشياء فيه مبتعدة عن بعضها: وهو أن هذا الكون "يتسع" باستمرار.

 

مقدم الحلقة 1 = إندر

بينما اكتشف العلم هذا الاتساع الكوني في عام 1920، أُعلنت هذه الحقيقة في القرآن قبل 1400 سنة من ذلك التاريخ.

"وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" (الآية 47 من سورة الذاريات).

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

على عكس ما يزعم الماديون، لم ينشأ الكون بسبب بعض الصدف، ولكنه جاء إلى الوجود عن طريق خلق الله. على وجه التحديد، تعتبر كلمة الله أدق مصدر للمعلومات حول أصول الكون.

 

تعليق صوتي

2- دليل آخر على الانفجار العظيم:

إشعاع الخلفية الكونية

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

تأتي 1% من الكهرباء الساكنة الموجودة في تلفازكم من إشعاع الخلفية الميكروني الكوني الذي أحدثه الانفجار العظيم منذ 13.8 مليار سنة.

كيف يمكن ذلك؟ لنكتشف سويًا.

 

تعليق صوتي

في عام 1948، تقدم جورج جاموف بمقترح يتعلق بالانفجار العظيم. وفقًا لما جاء به جاموف، إن كان الكون قد تشكل بسبب الانفجار العظيم، لذا يجب أن يكون هناك إشعاعًا تسبب فيه الانفجار. وما هو أكثر من ذلك أن هذا الإشعاع يجب أن يكون منتظمًا عبر الكون. لم يمر وقت طويل حتى توصلوا إلى إثباتٍ على "ضرورة وجود" هذا الإشعاع.

في عام 1965، اكتشف باحثان، وهما آرنو بينزياس وروبرت ويلسون، هذه الموجات الإشعاعية، وأسماها الباحثان "إشعاع الخلفية الكوني"، إذ اكتشفا أنها ليس لديها مصدر لكنها كانت تنتشر في كل الكون. لقد كانت من آثار المراحل الأولى للانفجار العظيم، وكانت موجة حرارية انتشرت بالتساوي في كل مكان في الكون. فاز بينزياس وويلسون بجائزة نوبل لهذا الاكتشاف.

وفي عام 1989، أطلقت الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) مسبار كوبي الفضائي لدراسة إشعاع الخلفية الكوني، استغرقت المجسات المتطورة بهذا المسبار الفضائي ثمان دقائق فقط لتؤكد على النتائج التي توصل إليها بينزياس وويلسون، اكتشف كوبي دليلًا على أن الانفجار العظيم هو بداية الكون.

ثبتت صحة نظرية الانفجار العظيم - وهي أعظم اكتشاف فلكي على الإطلاق - إثباتًا قاطعًا. ولم يفعل مسبار كوبي 2 الفضائي، الذي أُطلق بعد مسبار كوبي، سوى أنه قدم مزيدًا من التأكيد على الحسابات المتعلقة بالانفجار العظيم والذي تأكد بالفعل.

 

3- صورة من الانفجار العظيم

أيُّما كان الاتجاه الذي ننظر إليه في الفضاء، يمكننا اكتشاف الضوء الذي يستمر في السفر إلينا منذ بداية الكون، أي منذ ما يقرب من 13.8 مليار سنة. على الرغم من عدم إمكانية رؤية الإشعاع الذي ذُكر من قبل عن طريق العين المجردة، يمكن اكتشافه بسهولة عبر التلسكوبات الراديوية.

يمكنكم مشاهدة خريطة (مسبار ويلكينسون لقياس اختلاف الموجات الراديوية) على الشاشة تعرض الإشعاع في الكون، وهو القادم من الانفجار العظيم عندما كان عمر الكون 380 ألف سنة فقط.

التُقطت الصورة عن طريق مركبة بلانك الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، وهي تعرض آثارًا من الإشعاع الكوني التي تم الحصول عليها بعد 16 عامًا من العمل الشاق، إذ تعرض الأصداء المتبقية من ميلاد الكون.

أظهرت النتائج الأولية لمهمة المركبة بلانك عناقيد من المجرات البعيدة التي لم نرها من قبل، وكذلك الإشعاع الذي لا يزال موجودًا بعد الانفجار الكبير، وبالتالي تُكتَشف دلائل أخرى حول طريقة بدء الكون.

 

4- نسبة الهيدروجين إلى الهيليوم

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

يوجد دليل آخر على الانفجار العظيم يتمثل في كمية غاز الهيدروجين الموجودة في الفضاء عند مقارنتها مع غاز الهيليوم. من خلال القياسات الحديثة، يمكن فهم أن نسبة الهيدروجين إلى الهيليوم في الكون تعادل الكمية النظرية التي أشارت الحسابات إلى أنها متبقية بعد الانفجار العظيم. فإن لم يكن للكون بداية وبالتالي هو موجود على الإطلاق، لاحترق الهيدروجين الموجود فيه تمامًا وتحول إلى هيليوم.

تعليق صوتي

 

ما الذي يقوله العلماء؟

مقدم الحلقة الأول = إندر

قادت كل هذه الدلائل القوية إلى قبول راسخ لنظرية الانفجار العظيم لدى المجتمع العلمي.

وقد استُنتج حاليًا عن طريق العلم أن الكون بدأ وتشكل من خلال الانفجار العظيم.

حتى أن العلماء الماديين الذي يعترضون على نظرية الانفجار العظيم، اضطروا للاعتراف بأن الكون خُلق في لحظة من لا شيء.

لعل أشهر أهم هؤلاء هو الفيزيائي الشهير، السير فريد هويل.

 

تعليق صوتي

قال هويل الآتي حول آثار الانفجار العظيم:

"ترى نظرية الانفجار العظيم أن الكون بدأ بانفجار وحيد. وعليه أفرز الانفجار المادة بكل البساطة، بينما أنتج الانفجار العظيم التأثير العكسي بصورة غامضة، إذ إن المادة تجمعت في هيئة مجرات".

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

تعتبر سرعة الانفجار سمة أخرى معقدة في نظام الانفجار العظيم. وقد قال بول دافيس، وهو أستاذ فيزياء نظرية معروف:

 

تعليق صوتي

إن وتيرة الاتساع بعد الانفجار العظيم تعتبر متوافقة بدقة شديدة، كما توصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الظاهرة يمكن أن تُحسب على وجه التحديد فقط:                      

- "تصيغ القياسات الدقيقة معدل التوسع بحساب قريب من القيمة الحرجة، والتي عندها سوف يهرب الكون من جاذبيته ويتسع إلى الأبد. فإن كانت أبطأ قليلًا سينهار الكون، وإن كانت أسرع سوف تتشتت المواد الكونية تمامًا".

- إن كان الانفجار الذي أعقب الانفجار العظيم أسرع قليلًا، لكانت المواد الكونية تشتتت تمامًا منذ فترة طويلة.

- إن كان معدل التوسع مختلفًا عن قيمته الحقيقية بـ 10-18  (أي كوينتليون من الثانية)، فلن يكون هناك أي كون.

- إن كانت كثافة الكون أكبر قليلًا، لم يكن للكون أن يتوسع في هذه الحالة، بل على العكس، سيتناقص ليصل في النهاية إلى نقطة وحيدة.    

- إن كانت الكثافة الأولية أقل بقليل، لتوسع الكون بسرعة. ولكن في هذه الحالة، لم تكن الجسيمات الذرية ستجذب بعضها بعضًا ولم تكن ستتشكل أي نجوم ومجرات.

 

الخاتمة

مقدم الحلقة 1 = إندر

إن الأنظمة المحكمة التي نرصدها في الكون، بما فيها: النجوم، والأرض، والبشر الذين يعيشون على سطح الأرض، والأشجار، والحيوانات، والزهور، وكل أشكال الحياة الأخرى، لم يكن لكل هذا أن يتشكل على الإطلاق عقب أي نوع من الانفجارات العشوائية التي تجتمع فيها الذرات معًا بنفسها. فكل مكان ننظر فيه نرى دلائل على حضور الله وقوته العظيمة.

يخبرنا القرآن كيف أن الكون جاء إلى الوجود من لا شيء:

" بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..." (الآية 101 من سورة الأنعام).

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

لقد جاءت المادة والوقت إلى الوجود عن طريق الخالق المُنزه عن كل هذه المبادئ، الذي يمتلك القوة المطلقة. إن الخالق هو الله، إله السموات والأرض.

عندما كانت المعرفة التي لدى البشرية عن الكون محدودة منذ 14 قرنًا، قدم القرآن هذه المعلومات عن الكون تماشيًا مع نظرية الانفجار الكبير التي تشير إلى أنه جاء إلى الوجود من كيان لحظة واحدة توسعت بعد أن انفصلت.

 

تعليق صوتي

"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ" (الآية 30 من سورة الأنبياء).

 

مقدم الحلقة الأول = إندر

تعنى كلمة "رتق"، وهي مرادف "التأم"، في هذه الآية "أي شيء قريب، وصلب، ومحكم، وملتئم، في كتلة صلبة". هكذا هو الأمر، إنها تُستخدم لقطعتين مختلفتين تشكلان كيانًا. وإحداهما تخترق الأخرى وتخرج منها. بكل تأكيد، عندما نتذكر أولى لحظات الانفجار العظيم، نرى أن النقطة التي تسمى "البيضة الكونية"، احتوت على كل مواد الكون. كل شيء، "السموات والأرض" اللتان لم تكونا قد خُلقتا بعد كانتا داخل هذه النقطة في حالة "الرتق": وبعد هذا، انفجرت البيضة الكونية، وتسببت في أن تكون مادتها "فتقًا" لتنفصل إحداها عن الأخرى، وفي هذه العملية خُلقت بنية الكون كله.

 

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

القوا نظرة حولكم، وسترون أن كل شيء في حالة كمال واستقرار وسلام تام.

يعود السبب في هذا إلى أن كل شيء على الأرض لم يوجد عن طريق الصدفة، لا يوجد شيء خارج السيطرة أو استُحدِث بدون قصد.

 

مقدم الحلقة الأول = إندر

كل شيء متصل بنظام رائع ومتناسب للغاية؛ لأن كل شيء يعود إلى إلهنا الذي خلق إبداعًا رائعًا وإعجازيًا من انفجار وحيد. 

يخبرنا الله فيقول:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

"بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ..." (الآية 101 من سورة الأنعام).

مقدم الحلقة الثاني = بولنت

هذا يصل بنا إلى نهاية هذه الحلقة.

إلى اللقاء حتى نلقاكم في المرة القادمة.

 

مقدم الحلقة الأول = إندر

إلى اللقاء.