وجهة نظر- بُوكو حرام

وجهة نظر- بُوكو حرام

 أهلاً ومرحبًا بكم في برنامج "وجهة نظر"،  

كما تعلمون يتحدث العالم الآن عن اختطاف حوالي ثلاثمائة فتاة تتراوح أعمارهنّ ما بين 12 و 17 عاما من قبل منظمة بوكو حرام الإسلامية الإرهابية في نيجيريا، ولقد سمعنا في الفترة الأخيرة أنّ منظمة بوكو حرام الإرهابية تهدد أفريقيا بصورة مستمرّة .

فلماذا اِختطفت تلك المُنظّمة البنات؟ وما هي هذه المُنظّمة التى باتت تهدد أمن نيجيريا، وكيف تم تأسيسُها؟ سنجيب على هذه الأسئلة في برنامج "وجهة نظر: ملفّ بوكو حرام".

وملخص برنامجنا اليوم سيكون على النحو التّالي: سنتحدث في المقدّمة عن منظمة بوكو حرام الإرهابيّة، ثم سنتحدّث في المسار الزمني عن أنشطة منظمة بوكو حرام والمنّظمات الراديكاليّة الإرهابيّة الأخرى. وفي تقرير الوضع الرّاهن سوف نقدّم بعض المعلومات عن الأعمال الإرهابية التي قامت بها منظمة بوكو حرام وخاصة بعد خطف حوالي 300 فتاة. وفي النّهاية سنوضّح العوامل الكامنة خلف هذه العمليّات الإرهابيّة.

·  

 ملخص البرنامج:

-       المقدمة

-       المسار الزّمني

-       تقرير عن الوضع الرّاهن

-       ما وراء السّتار

ونبدأ بالمقدّمة، وسنقوم في البداية بعرض بعض المعلومات عن بوكو حرام.

المقدّمة:

 إذا دخلت على أيّ موقع بحثيّ  وكتبت بوكو حرام وبحثت عنها ستُظهر لك بعض هذه النّتائج؛ الكنائس التى تم تفجيرها ومراكز الشّرطة التى تعرضت لهجمات، والطّلابَ والمدرّسين الذين تم إطلاق النّار عليهم والناس الذين تمّ خطفهم، وأخيرًا الفتيات المسيحيّات اللاّتي تم خطفهنّ والكثير غيرها من الأخبار...

إن الاسم الرّسمي لمنظمة بوكو حرام هو "جماعة أهل السنّة للدّعوة والجهاد".  وقد ظهرت سنة 2002م في مدغشقر عاصمة ولاية محافظة بروناي في نيجيريا تحت رئاسة محمد يوسف. ومن المعلوم أنّ هذه المنظمة قد أضحت اليوم أخطر المنظمات الإرهابيّة.  وبوكُو حرام تعنى بلغة الهُوسا التى تتكوّن من لغات القبائل النيجيريّة "تحريم التّعليم الغربي". وقد أعلنت بوكو حرام أنّ هدفها هو تأسيس دولة إسلامية في شمال نيجيريا تطبّق الشّريعة الإسلامية. تأسّست هذه الجماعة في البداية من الشّباب المتعصّب، ثم أنشأت بعد ذلك منظّمة أصوليّة متعصّبة. وفي البداية قال عنهم البعض إنّهم "طالبان نيجيريا"، فالمسلمون الّذين يعيشون في نيجيريا يقولون "إنّ بوكو حرام ليست منظّمة إسلامية، وهذا لأنّ 99 % من الأذى الذي تسبّبه منظمة بوكو حرام يمسّ المواطنين المُسلمين القاطنين في شمال نيجيريا".

وطبقا لبُوكو حَرام فكلّ شيء يتعلّق بالغَرب دنيءٌ وحرام على المُسلمين، ولهذا يجب على العالم الإسلامي نبذ كلّ ما هو متعلق بالغرب، وعلى رأس هذه الأشياء نظام التّعليم في نيجيريا. ولهذا فإنّ هذه المنظّمة ترى أنّ هدفها هم المدّرسون الذين يُعلّمون الدّروس والطّلاب والمسيحيّين الذين يَذهبون إلى الكنائس وأولئك الذين يقصدون الخانات للتّسلية.

وبالرّغم من أنّ نيجيريا ثاني أكبر دولة منتجة للبترول في أفريقيا إلاّ أنّ القسم الشمالي الذي يعيش فيه المسلمون معروف بتخلّفه وفقره المُدقع. إنّ المنظمة التى استفادت من هذا الوضع قد قدّمت دعمًا مادّيّا كبيرا للأسر الفقيرة، وأتاحت لأولادهم فرصة التّعليم المجاني في الجوامع، فانتشرت تلك المنظمة بين الفقراء. ومن الأشياء التي استفادت منها المنظمة بشكل كبير كذلك فساد الحُكومات المركزيّة في نيجيريا وغياب العدالة في توزيع الدّخل القومي. إنّ بوكُو حرام التى جمعت بين الاهتمام بدعم الفُقراء وبالتّعليم الإسلامي تُناهض التّعليم الغربي وتُكافح الفساد السّياسي، فقد صارت قوة خطيرة في المنطقة في فترة قصيرة جدًّا.

فمن الذي يحرّك بوكو حرام، هذه المنظمة التى اتركبت هذا الكم الهائل من العمليّات الإرهابيّة واسعة النّطاق؟

إنّ بوكو حرام التى وضعت على قائمة االمنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحد ة الأمريكيّة سنة 2002 م قد اعتبرها الكثير من خبراء الإرهاب الغربيّين امتدادًا للقاعدة في غرب أفريقيا. وطبقا لبعض المصادر فإنّ ثمّة علاقة بين بوكو حرام وطالبان في أفغانستان، وأنّها تدعو إلى تطبيق الشّريعة على طراز ما تدعو إليه طالبان. ووفقًا للتّقرير الذي أعدّه قسم الأمن الدّاخلي في الولايات المتّحدة الأمريكية فإنّه يوجد تعاون بين بوكو حرام وبين منظّمات القاعدة في المغرب الإسلامي وأن أعضاءَها يتمّ تعليمهم في معسكرات القاعدة في المغرب الإسلامي. وحسب هذا التقرير أيضا  فإنّ هذه المنظمة يتمّ إدارتها من قبل مجلس شُورى مكوّنٍ من ثلاثين فردًا، وهؤلاء الأفراد هم الذين يُديرون الخلايا الأخرى، وتلك الخلايا لا تلتقي مع بعضها البعض بصُورة مُباشرة. ويُعتقد أنّ عدد أفراد أعضاء تلك المنظّمة المُتمرّسِين يَبلغ مائة فرد. أمّا عدد الأعضاء ككلّ فهو غير معلوم. والشّيء المعروف أنّ قوانين الشّريعة الخاصة بالمنظمة يتم تطبيقها بالقوة والترهيب في 12 مدينة في شمال نيجيريا حيث يسكن المُسلمون، وهم يخططون لتطبيقها في البلاد كلّها.

والآن لننتقل إلى المسار الزّمني، هنا نجد أنّ عدد المنظمات الأصولية والمتعصّبة على نمط بوكو حَرام كثير جدًّا، لكننا سوف نلقي الضّوء على أشهر هذه المنظمات، وسف نحاول الاطّلاع على الدّور الذي لعبته مُمارسات تلك المُنظّمات - التي لا علاقة لها بالاسلام - في تشكيل الإسلامُوفوبيَا أو الخَوف من الإسلام.

المسار الزّمني:

كان أوّل صِدام بين بُوكو حَرام والدّولة في نيجيريا سنة 2003م، وفي هذا الصّدام هجمت المنظمة على مراكز للشّرطة واستولت على أسلحتها وقتل أتباعها عناصر من الأمن ثم احتلّوا المَساجد وأخذوا عشرات الأشخاص كرهائن.

وفي سنة 2009م قتلت الجَماعة أكثر من ألف شخص في الصّدامات التى وقعت بينها وبين الشّرطة، وفي العمليّة نفسها أعلنت  الشّرطة التى قامت بالغاّرة على جامع "مَاديجرو" أنها حرّرت أكثر من مائتى امرأة وطفل. وبعد قتل زعماء بوكو حرام في صدامات عام 2009م قامت المنطمة بارتكاب عمليّات مماثلة واستهدفت المدارس ومراكز الشّرطة والمباني العامّة. وبعد ذلك قامت بعمليّات ضدّ المسيحيّين والصحفيين والمسلمين. وفي تلك الصدامات قُتل آلاف الأشخاص، واُضطر أكثر من 500 ألف شخص للنّزوح من مساكنهم، وبسببها زادت المناطق الفقيرة فقرًا على فقرٍ.

استمرّت عمليّات بوكو حرام الإرهابيّة في السّنوات الخمس الأخيرة بدون انقطاع؛ ففي هَجمات عيد الميلاد التى ارتكبتها المُنظمة في سنة 2011م على العاصمة أبُوجا وكلّ أنحاء نيجيريا ومدنها قُتل 39 شخصًا وجُرح 57 آخرون.

وفي 6 يوليو عام 2012 م نفّذت الجماعة هجومًا على كنيسة في ولاية بوتشي أدّى إلى مقتل 15 شخصًا.

وفي 20 يناير عام 2012م نفّذت الجماعة عمليّات استهدفت مراكز للشّرطة ومباني حكوميّة في مدينة كانوا في شمال نيجيريا، وأوضحت منظمة الهلال الأحمر الدّولية أنّ الهَجمات التى نفذتها بوكو حرام قد قتل فيها على الأقل 178 شخصًا وسقط فيها الكثير من الجَرحى.

وفي 19 فبراير عام 2012م انفجرت قنبلة تمّ زرعها في السّوق الواقع أمام الكنيسة المُسماة " النّبي عيسي" الموجودة في منطقة سُولِيجه بالقرب من العاصمة أبُوجا، وقُتل في هذه العمليّة على الأقل خمسة أشخاص.

وفي مارس عام 2013م أعلنت بوكو حرام أنّها قد اختطفت عائلة فرنسيّة مكوّنة من سبعة أفراد، ثم أطلقت سراحها بعد شهرين. وأعلنت المنظمة أنّها قتلت الرّهائن الإيطاليّين والأنجليز واليونانيّين واللبنانيّين الذي اختطفتهم في مدينة بُوتشي في 11 مارس عام 2013م.

 أمّا في 26 إبريل عام 2013م فقُتل 44 شخصًا في الصّدام الذي وقع بين قوات الأمن النّيجيريّة وعناصر من بُوكو حرام. وفي 20 سبتمبر عام 2013م قَتل أعضاء المنظّمة الذين ارتَدوا الزّيّ العسكري  87 شخصا في مَدينة بُورنو في شمال شرق البلاد.

وفي يوم 22 إبريل عام 2013م قُتل 185 شخصا في الصّدام الذي حدث بين بُوكو حرام وقوات الأمن في شمال نيجِيريا.

إن العمليّات الإرهابيّة في هذه المنطقة لا تقوم بها بوكو حرام وحدَها، فقد شهد العالم خلال الخمسين سنة الأخيرة حدوث الكثير من أعمال العنف والإرهاب التى نفّذتها الجماعات الأصوليّة المتطرّفة في آسيا وفي الشّرق الأوسط وفي شمال أفريقيا. إن تلك الجماعات المتطرّفة المتعصّبة التى زعمت أنّها ظهرت باسم الإسلام تسعى إلى تطبيق فهمها الخاطئ للدّين وفرض أسلوب حياتها بالقوة على المجتمع. ومنظّمات مثل القاعدة والنّصرة والشّباب وبوكو حرام قد طبّقت بالفعل سياساتٍ منفّرة وعنيفة في الكثير من الأماكن. وهذه المنظّمات تعتبر كلّ من يُعارض تأويلها الخاطئ للإسلام عدوًّا لها. إنّ تلك العقلية المتعصّبة لا تتورّعُ عن ارتكاب أعمالها الإرهابية في المراكز التّجارية والأسواق والمطارات والمحلاّت والأماكن المزدحمة بالسّكان بهدف إدخال الرّعب في قلوب النّاس وزيادة شُهرتها. ويمكننا ضرب عدد من الأمثلة على ذلك، فهناك جماعة ذات علاقة بالقاعدة في الجزائر قامت باختطاف 41 شخصًا يعملون في شركة الغاز الطّبيعي بتاريخ 16 يناير عام 2013م، وقد تمّ قتل العديد من الرّهائن في هذه العملية. إنّ تلك الجَماعة أطلقت على نفسها اسم "المُوقّعون بالدّم" وتزعم أنّها تسعى إلى  نشر العداء للغرب والعمل على تأسيس حكم يعتمد على الإسلام.

وفي نيروبي عاصمة كينيا، قامت جماعة الشّباب بالهُجوم على مركز تجاريّ قتل فيه 68 شخصًا وجُرح 239 آخرون، ونفّذت الجماعة هذه العملية بحجّة قيام كينيا بعمليّة عسكرية في الصّومال. وقد دافعت الجماعة عن نفسها بالقول إنها أبعدت المسلمين من البِناية ونفّذت العملية في غير المُسلمين.

إنّ الرّأي العام العالميّ يعيش صدمةً كبيرةً بسبب هذه الكراهيّة والوحشيّة الأُصوليّة، وبالطّبع فإنّ أعداء الإسلام من أهل الفكر يستخدمون هذه الصّورة القاتمة من أجل تغذية مشاعر الإسلاموفوبيا. والذي ينبغي أن يكون عند التّعريف هو الخوف من التّعصب وليس الخوف من الإسلام، ذلك لأنّ منبع هذا الخوف ليس كلمة الإسلام التي تعنى السّلام بل منبعه هو العقائد المتعصّبة المتصلّبة.

نعم، لِنرجع الآن إلى موضوع حلقة اليوم وهو بُوكو حَرام، العنوان التالي هو تقرير عن الوضع الرّاهن.

تقرير عن الوضع الرّاهن:

قبل شهر نفذت مُنظمة بوكو حرام هجومًا مسلّحا بحوالي مائتي شخص على مقاطعة شيبوك التى يبلغ تعداد سكانها ستّين ألف نسمة، وهذه المقاطعة تابعة لولاية برُونو الواقعة في شمال شرق نيجيريا. إنّ عناصر بُوكو حَرام أدخلوا الرعب على قلوب الأهالي في هذا الهجوم وأكثروا في الأرض الفساد طوال خمس ساعات، ثمّ اختطفوا بقوة السّلاح حوالي 300 فتاة أغلبهنّ مسيحيّات يَدرسن في المرحلة الإعداديّة وكنّ يُقمن في سكن للطّالبات. وأعلن رئيس الجماعة أبو بكر شيخو عقب عملية الخطف أنّه سيبيع الفتيات في السّوق كعبيد وأنّه سيزوجُهنّ. وأعلنت المنظّمة في نهاية الأمر أنّه يجب وقف التّعليم على  النمط الغربي في الدّولة وسحب البنات من المدارس وتزويجُهنّ. والآن يوجد محتجزات لدى هذه المُنظمة يبلغ عددُهنّ 276 بنتًا. وقالت المنظمة أخيرًا إنها يمكن أن تُطلق سراح البنات مقابل إطلاق سراح أعضائها المُعتقلين.

وبتاريخ 4 مايو قامت المنظمة بخطف 11 بنتا تتراوح أعمارهنّ بين 12 و 15 من قرية وَارْبَه في لاية برُونو.

بعد أن تم خطف الطّالبات بأسبوع بدأت حملة على تويتر تحت هاشتاج "أَرْجِعُوا بناتنا" ، وهذا النشاط الذي تم في المواقع الاجتماعية نجح كثيرًا في لفت نظر الإعلام العالمي إلى هذا الأمر.

ولقد أيّد هذه الحملة كلّ من ميشيل أوباما زوجة باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة السّابقة والممثلون والفنّانون الأمريكان، ومَلاَلاَ يُوسف زايْ المُدافع عن حقوق الطّفل الباكستاني الذي أطلقت طالبان النّار على رأسه.

ولقد أُعلنت حالة الطّوارئ في ولاية بورنو منذ شهر مارس حتى هذا اليوم، ولهذا زاد عدد الجُنود في المنطقة، وإلى جانب ذلك تُوجد وحدات لقوى أسّسها عدد من الشّباب ومؤيدة من قبل الحكومة المركزيّة، ولكنّها لا تقوم بعمل مؤثّر.

أمّا بوكو حرام فتستمر في القيام بهجماتها، ففي 5 مايو قتل على الأقل 300 شخص في جَامْبارُو نَكَالا في بُورنو، ولقد نهب عناصر من المنظمة المدينة لمدة 12 ساعة، وتمّ قتل كلّ من واجَههُم. وليس من شك في أنّ هذه الأحداث لها جوانب خفيّة. والآن لنطّلع معا على العوامل التى كانت السّبب في تطوّر هذه العمليّات الإرهابية وتمددها بهذا القدر في قسم "ما وراء السّتار".

·  

ما خلف الستار:

-       الوضع في نيجيريا

-       الأساليب الخاطئة في مواجهة الإرهاب

-       الخطأ في النظرة إلى المرأة

-       خطأ ربط الإرهاب بالإسلام

 ولنلقِ أوّلاً نظرة على البنية العامّة لنيجيريا في "ما وراء الستار".

جمهورية نيجيريا الفيدرالية، وتسمّى اختصارًا نيجيريَا، تقع في غرب أفريقيا على خليج غنيا بين بِنين والكَاميرون وعَاصمتها أبُوجا، وأكبر مُدنها لاجُوس.

يبلغ تعداد سكان نيجيريا 176 مليون نسمة، وتعدّ السّابعة في العالم من حيث الكثافة السّكانيّة.

43.6% من سكان نيجيريا من المسلمين، وتبلغ نسبة البروتستانت 40.8% والكاثوليك 9.3%، ويوجد في دولة نيجيريا عدد قليل جدّا من اليهود.

ويبلغ احتياطى نيجيريا من البترول 37.2 مليار برميل، وتحتل المرتبة الثانية بعد ليبيا في احتياطي البترول في قارّة أفريقيا.

وبها أكثر حقول الغاز الطّبيعي في أفريقيا، وتحتلّ المَرتبة التّاسعة على مستوى العالم، وتنتج في اليوم 36 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وبهذا تحتل المرتبة الخامسة والعشرين عالميا في إنتاج الغاز الطّبيعي.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ نيجيريا هي خامس دولة مصدّرة للبترول إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، وهي رابع دولة على مستوى العالم في تصدير الغاز الطّبيعي المُسال.

يعتمد 96% من دخلها على تصدير البترول والغاز الطبيعيى، ويبلغ دخل نيجيريا القومي غير الصّافي حوالي 510 مليار دولار، وهي بهذا تعدّ صاحبة أكبر اِقتصاد في أفريقيا.

يتمّ تشغيل مصادر البترول في نيجيريا مُشاركة بين الشّركات الدّولية والشركات المحلّية، ولكن الجماعات المحلية التى تسعى إلى أخذ نصيب من هذه المصادر الغنيّة كثيرًا ما تنفذ هجمات على المؤسّسات البترولية فتمنع الشّركات الأجنبية من نقل البترول.  ومنذ أواسط سنة 2000م تعيش نيجيريا حالة من القُصور الأمني بسبب ازدياد الهَجمات على خطوط البترول وبسبب النّهب واستيلاء الجماعات المسلحة على محطّات الإنتاج. ومن جانب ىخر فإنّ الجماعات المحلّية قد أحدثت أضرارًا فادحة في المنطقة أثناء أعمال الشّركات الكبرى، وقد أدّى هذا الأمر إلى التأثير سلبًا على مصادر المعيشة المحلّية الأساسية للشّعب مثل صيد السّمك والزّراعة.

وأكبر عائقٍ أمام في الكفاح ضدّ بوكو حرام هو الفقر السّائد في البلاد وقضايا الفساد التي تورط فيها فيها السياسيّون. فنيجيريا دولة غنيّة بالبترول ومعروفة بارتفاع رواتب أعضاء مجلس البرلمان فيها وانتشار الفساد. وقد صنّفت منظمة الشّفافية الدّولية نيجيريا في قائمة الفساد التى أعدتها لعام 2013م بأنّها الدّولة رقم 144 بين 177 دولة.

رغم ثراء البلاد بالبترول فإنّ 70 % من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة السّكان الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم 85% من عدد السّكان. والآن لننتقل إلى الأسباب التي تغذّي العمليّات الإرهابيّة وتشجع عليها.

الأساليب الخاطئة في مكافحة الإرهاب:

في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن قامت كثير من المنّظمات التى لها أفكار بوكو حرام نفسها بارتكاب العديد من العمليات الإرهابية. وردّا على سؤال "منذ ثلاثين عاما لم تكن هذه المنظمات موجودة فلماذا ظهرت في هذه الأيام؟" أجاب خبراء الإرهاب في الغرب والسّياسيون وعلماء الاجتماع على هذا السّؤال بأنّ السّبب في ظهور مثل هذه المنظّمات يرجع إلى عدة أسباب، أوّلها الأنظمة الفاسدة الدّيكتاتوريّة التى لم تلبّ مطالب مواطنيها السّياسية والاقتصادية. أما السّبب الثاني فهو تدخّلات أوروبا وأمريكا في الشّرق الأوسط وحدوث خسائر كبيرة في الأموال والأرواح بين أهالي المنطقة في كلّ تدخّل. أمّا السّبب الأخير، فهو فشل القوميّة العربيّة التى ظهرت بدعوى حماية الشّرق الأوسط والعرب ضدّ الغرب، وظهور الجماعات المتعصّبة التى لم تراع قيم الدّين وتعاليمه.

رغم أنّ كل هذه الأسباب بها نسبة من الحقيقة والصّحة إلاّ أنّ الدّول الغربية تعدّ فاشلة للغاية في الكفاح ضد هذه المنظّمات، فلم تكف العمليّات المحدّدة التى تنظّمها فرق مكافحة الإرهاب ولا القنابل التى تلقيها الطائرات بدون طيار لوقف المنظمات الإرهابيّة، بل على العكس زادت قوة المنظّمات الإرهابيّة في استهدافها الأبرياء من البشر.

فالعالم كلّه يحملُ همّ هذه المنظمات التي ظهرت تحت اسم الإسلام ولجأت إلى الإرهاب. ومن الواضح أنّه يجب معاقبة الإرهابيين وكل من دعمهم وساعدهم طبقًا لمعايير القوانين والعدالة الدّولية.

وأهمّ تدبير يُمكن اتخاذه ضدّ هذه المنظمات التى تدعي أنّها إسلامية هو توضيح مدى التّناقض بين الموجُود في عقولهم وبين الإسلام. وأول شرط فيمن يقوم بهذه الوظيفة هو الإسلام، وهذا لأنّ أحسن من يُوضح الإسلام هم المسلمون أنفسهم، إذا فما الذي يجب على المسلمين توضيحه وشرحه؟

وإليكم الحقائق التى تعتمد على الآيات القرآنية الواجب قولها بدل خُطب المسلمين الضعيفة غير الهادفة:

" مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ  "( سورة المائدة ، 32).

" وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "(سورة يونس، 47).

" وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"(سورة آل عمران ، 104).

" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (سورة المائدة، 2).

"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (سورة آل عمران، 104).

"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"(سورة فصلت، 34).

" خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ "( سورة الأعراف، 199).

" وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (سورة آل عمران، 159)

" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ "(سورة البقرة، آية 256)

" وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "(سورة يونس، آية25 - 26)

 

الخطأ في النظرة إلى المرأة:

إن الفكر المتعصّب المعتمد على الخرافات النّابع من مصادر غير القرآن والمسيطر على أغلب دول العالم الإسلامي ينسب إلى الإسلام بصورة خاطئة، وفي تلك العقلية المتعصبة المعارضة تماما لروح الإسلام القرآن لا تعطى أيّة أهمية للمرأة. فالنساء في البلاد الإسلامية يشكلن القسم الأكبر الذي يتعرض للأذى من قبل المُجتمع بسبب عدم تطبيق أخلاق القرآن. فالعقلية المتعصبة في هذه الدّول لا ترى في المرأة سوى مخلوق من الدرجة الثانية تقوم بالخدمة والنّظافة فحسب على عكس ما هو موجود في القرآن الكريم. بل إنّ هناك اعتقادًا بأنّ شخصية المرأة محدودة بنسبة تتوافق مع خصائصها الأخلاقية ومهاراتها وبنيتها الجسدية. وبالطبع فإنّ المؤمنين من البشر يعلمون القيمة التى أعطاها الله للنساء. وهُم لم يُؤمنوا أو يصدّقوا أيّا من هذه الخرافات الخاصّة بالمرأة. ولكن بسبب بعض الخُرافات التى أنتجها الأشخاص ذوو الفكر المتعصب يرى البعضُ أنّ النّساء مخلوقات أقلّ من الرّجال. هؤلا الأشخاص ذوو المنطق المتعصب باسم الإسلام يرون المرأة نصف رجل، ويسعون لإظهار هذا الأمر. ومن الواضح أن المجتمع المتعصّب الذي لم يعط المرأة حقها ويراها أقل من الرّجل ويدّعي أنّ لها حدودًا معيّنة ويتعيّن عقابها في كلّ الأمور سيكون مجتمعًا ظالمًا كريهًا.ونحن نلاحظ أنّ الدول التي انتشر فيها التعصّب تكثر في مجتمعاتها أضرار الخُرافات غير الواقعيّة المُخالفة لتعاليم القرآن. 

 

إنّ الفكر المتعصّب المُوجه للمرأة في الدّول الإسلامية يشكل خطرًا عظيمًا، وهذا أمرٌ واضح جليّ، ولقد لفت القرآن الانتباه إلى مهارة المرأة في العلم والقدرة على الحكم والإدارة من خلال نموذج ملكة سبأ، فالمولى عزّ وجل أخبر أنّ المرأة قادرة على أن تصبح حاكمًا في قوله تعالى:

"إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ "(سورة النمل، 23).

ولقد أوضح المولى عزّ وجلّ أنّ النّساء قادرات على إصدار القرارات الصّحيحة في قوله تعالى:

"قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (سورة النمل، 44).

ولا يمكن الحديث عن دولة سليمة وقوية إلاّ إذا نالت النساء ونال الشّباب أماكنهم التي يستحقونها في المجتمع بشكل حرّ. ولهذا السّبب فإنّ إعطاء النّساء المتضرّرات من التعصّب القيمة التى يستحققْنها وحماية حقوقهن وحرّيتهن وجعلهن على درجة من المساواة في المجتمع مع الرجل في كلّ الحقوق الاجتماعية والسياسية يعدّ مسألة مهمّة للغاية. وعندما تعيش النّساء في سعادة وراحة فإنّ المجتمع يكون سعيدًا. ولقد أمر القُرآن بأن يكون للنساء الحرّية مثل كلّ أفراد المُجتمع.  

وكما نلاحظ فإنّ بعض المنظمات المتعصّبة التى تعارض أوامر القرآن ترتكب أفعالاً وحركاتٍ تتعارض تماما مع تعاليم الإسلام. وفي العنصر الأخير نود أن نبيّن خطأ نسبة الإرهاب إلى الإسلام.

خطأ نَسب الإرهاب إلى الإسلام:

إن الجهل والتعصب هو منبع الإرهاب وعلاجه هو التّعليم، ومعلوم أنّ عقائد الجماعات الإرهابية تأسّست على قواعد فاسدة، ولذلك يجب البدء فورًا بالتّعليم والتّوعية بفساد هذه العقائد سواء منها التى ظهرت باسم الإسلام أو القائمة على الفكر الماركسيّ أو القوميّة العرقيّة.

ففي المناطق التى يوجد بها تعاطف مع الإرهاب يجب أن يُبيّن لهم أنّ هذا الأمر مُخالف تمامًا للإسلام، وأنّ هذه الأفعال تتسبّب في الضّرر للإسلام والمسلمين والانسانية جمعاء، كما يجبُ تنبيه الدّاعمين للمنظمات الإرهابية أنّ عليهم التخلص والتطّهر من هذه البربرية المُخالفة للإنسانيّة. ولا شك أنّ دعم الحكومة النيجيرية لسياسات التعليم الخاصة بهذا الاتجاه سوف يؤدي باذن الله تعالى إلى نتائج إيجابية.

ويمكن للمؤمنين المخلصين في كافة أنحاء العالم المساهمة في التوعية بهذا الحلّ، وذلك بكتابة الكتب والمقالات وتوضيح موقف الإسلام المندّد بالإرهاب في مواقع التّواصل الإجتماعي والإعلام. كما يتعين توضيح أنّ التعصّب ليس من الإسلام في شيء. ويمكن التصدّي للإرهاب بنشر هذا الكم الثقافي المشتمل على أساليب التّعليم المختلفة، ومن الضروري كذ   لك مكافحة الجهل. ونشر الرّحمة التى أمر بها الله والسّلام والوئام في العالم سيقضي على الإرهاب تمامًا بإذن الله.

إن الإسلام دين الرحمة، ووفقًا لأحكام القرآن الكريم"لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" "(سورة البقرة، 256)، فلا يوجد في الإسلام تلك الأفكار المتوحّشة التى أظهرها المتعصّبون مثل "مَن غيّر دينه فاقتلوه". فالإسلام دين أعطى لكلّ البشر حرّية التفكير والعبادة، وحمى حقوق البشر. والأهم من هذا أنّه دين جاء بالحرّية الحقيقيّة للبشر. فالمولى عزّ وجلّ يرجو للبشر اليُسر والرّاحة والسّعادة والفرح، فالله ليس ظالمًا لعباده.  هذا الدّين يبيّن للنّاس كيف يعيشون في أمان وسعادة وأمن، وفي وضع أجمل وأكثر راحة وفي حياة كلها متعة وخير. ويجب أن يعلم العالم أجمع أنّ الإسلام ليس هو مصدر الإرهاب، بل على العكس يجب أن يعلم أنّ الإسلام هو الحلّ الأوّل والأمثل للقضاء على الإرهاب.

نلتقي من جديد الأسبوع القادم مع موضوعات تتعلق بالحياة اليومية بإذن الله تعالى، أستودعكم الله وإلى اللّقاء.