العالم مكان للتعلم المستمر مدى الحياة

مقتطفات من مقابلة عدنان أوكتار على قناة  A9TV  في بث حي بتاريخ 20 نوفمبر 2015

 

عدنان أوكتار: سأل أحد المشاهدين يلقب نفسه أينشتاين قائلا: "نعلم جميعا أن الله يبتلي عباده من خلال امتحانهم ببعض الأحداث، والله عزَ شأنه، مطلع مسبقا بكيفية تصرف الناس أمام هذه الابتلاءات، ويعلم أيضا من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، ومع ذلك يمتحنهم، السؤال المطروح، لماذا يختبر الله الناس رغم علمه بتصرفات عباده ونتائج تلك الامتحانات قبل حتى إجرائها، سأكون ممتنا لو أمكنكم تنويري حول هذا الموضوع، أتمنى ألا يكون سؤالي طويلا".

إنه ليس طويلًا، بالنسبة لنا، إنه ابتلاء وامتحان، وبالنسبة لله، فهو وسيلة للتعليم، والله يثقفنا، على نحو يبدو وكأنه اختبار؛ في الواقع نحن مدربون، وهذا من صميم فطرتنا البشرية، والله يستخدم باستمرار علوم الفطرة، ومثال على ذلك، يقول لعباده "هناك الجبال والسهول" ويحثهم على "النظر في النجوم والقمر". فالذين ينظرون إلى القمر، هم في الواقع يتدبرون من خلال ذلك وينظرون إلى أدمغتهم. يتحدث الله عن المسافات الطويلة التي تستغرق شهرين للسفر إليها ثم العودة منها، لكن عندما ينظر الخلق إلى تلك المسافة، فإنهم يرون المسافة داخل عقولهم، وهذه هي علوم الفطرة، الله يقول دائما الحقيقة، لكن ليس بالطريقة التي يفكر بها البشر.

لا بد من المرور بمراحل التدريب، لأن العالم عبارة عن جامعة واسعة لا تنتهي دروسها، حيث يبدأ التعليم مع بداية نمو الإنسان، بل يبدأ التعليم في واقع الأمر منذ ولوج المدرسة الابتدائية، والله سبحانه هو الذي يربي عباده منذ المدرسة الابتدائية، وهو الذي يعلمهم ويربيهم في مرحلة المدرسة المتوسطة، والثانوية وحتى في الجامعة، ولا ينتهي مسار التعليم أبدا، يربيهم في البيت وفي المدرسة وفي الشارع وفي المستشفيات، وتستمر التربية أثناء تناولهم الطعام، وفي ساعات لهوهم ومرحهم، وعندما يقومون بالتمارين.

وبمجرد انتهاء مراحل التعليم، يجلبهم إلى جانبه. يمر الناس عبر ورشات تعليم معقدة، وينهلون من علوم عدد لا يحصى من المجالات المختلفة، غير أنهم يعتقدون أن الجامعة هي التي توفر لهم التعليم، وحتى على كراسي الجامعة، يتواصل التعليم، والله سبحانه هو في الواقع الذي يسأل سؤال المشاهد، والله هو الذي يكتب أشياء، لكنه يجعل ذلك يبدو وكأنها كُتب يخط يد شخص آخر.

الله يجعلها مثل هذه السطور تبدو على نحو يعتقد كاتبها أنه هو من خط حروفها، والله هو أيضا من يجيب على السؤال الذي طرح، لكنه يجعل الأمر يبدو وكأنني أنا من أجبت على ذلك السؤال، ويجعل كلانا - السائل والمجيب - يسمعان هذا التحاور، هذه هي العلوم الغريزية. وعندما يسأل السائل "من هو الشخص الذي يتكلم؟"، يقول "أنا"، في حين الذي يتحدث بالفعل، هو خالق الخطاب. يقول الله عزَ وجل في الآية 21 من سورة فصلت "وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَومع ذلك تقع المسؤولية على الإنسان بشأن ما يقوله، ويجازى خيرا أو سوءا، على ما قدمت يداه.