الاسلام دين الجمال -10- يُطبق الاسلام عبر الصدق

الإسلام دين الجمال-10-

الإخــلاص

 

مشاهدينا الكرام مرحبًا بكم في برنامجنا "الإسلام دين الجمال".

أنا دملاَ بامير،  وأنا أمره أجار. بإذن الله نحن معكم من جديد .

أمره أجار: سنتحدث في برنامجنا هذا عن الأخلاق في الإسلام والقرآن معتمدين على ما تعلّمناه من القرآن الكريم وأحاديث الرّسول صلى ا لله عليه وسلم . في هذا الأسبوع سنتحدث عن التّقوى التي يعيشها الإنسان بكلّ إخلاص، وألاّ يكون الإسلام مجرّد مظاهر شكليّة.

بالإضافة إلى ذلك، سوف نقوم بعقد مقارنة بين المتعصّبين أصحاب القُلوب المريضة الذين يعيشون حياة دينيّة ميلئة بالخرافات التي اِبتدعوها من عند أنفسهم دون أن تكون لها علاقة بالمعنى الحقيقي للدين وبين المُسلم المخلص.

أمره أجار: الصّدق يجب أن يكون نابعًا من القلب، والقلبُ الصّادق شديد التعلّق بالله سبحانه وتعالى. فالمُؤمن إنسان صادقٌ يؤمن إيمانا عميقا بالله والآخرة والجنة والملائكة والنار. والقرآن الكريم هو دليل المؤمن الصّادق، وطريقه هو طريق النبيّ عليه الصلاة والسّلام الذي يدعو إلى النّظر إلى الحياة على أنّها هبة منحها الله للإنسان.

االإنسان الصّادق، وبسبب حبّه العميق لله سبحانه وتعالى يُمكن أن يفرّق بين الخطإ والصّواب بكل سهولة. وحسب القرآن الكريم فالإنسان الصّادق هو الذي يطبّق كلّ الواجبات الدينيّة بصدق وبكلّ تفاصيلها. ونتيجة لذلك فالصّدق  يبرزُبالخوف من الله والتقرّب إليه والتّماهي مع أوامر القرآن الكريم.

أمره أجار: والمُؤمن المخلص لا يعيش وفق الخُرافات بل يعيش حسب سنّة الرّسول صلى الله عليه وسلم ووفق ما جاء به القرآن الكريم. والإخلاص لا يكون إلاّ بالإيمان بالله سبحانه وتعالى دون قيد أو شرط، والإخلاص هو أن أطبق أحكام الدّين حتى أتمكن من القول "إنني مخلص" و إلاّ أصبحت هذه الفكرة غير قائمة على الإخلاص. وليس الإخلاص أن يرى الإنسان نفسه مخلصًا بل الأساس هو أن يقبله الله كإنسان مُخلص.

وقد ضرب الله لنا مثلاً في القرآن الكريم حال صاحب البُستان الذي أنكر الآخرة واعتقد أنّه من الصّادقين وأنّه جدير بالجنّة، يقول الله تعالى: 

"وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا" (سورة الكهف، 35-36).

دملا بامير : ولقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن حياة هذا الشّخص الذي بسبب إنكاره أُحيط بالمصائب  وحلّت به الكوارث، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

"وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا"(سورة الكهف، 43-44).

ويقول تعالى: "وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ" (سورة النمل، 74).

والأشخاص الذين لم يخلصوا لله ولم يقدروه حق قدره أناس لم يفهموا هذه الحقيقة العظيمة وهي أنّ الله سُبحانه وتعالى يعرف جيّدًا ما في قلوب عباده ومُطّلع على ما يُخفُونه، ويعرف من المُخلص بصدق فيهم.

يقولُ الله تعالى في إحدى آيات القرآن الكريم، أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم: "رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا" (سورة الإسراء، 25).

وقد ورد في الكثير من آيات القرآن الكريم أن من الناس من يقول إنهم يؤمنون بالله تعالى بيد أنهم لا يقدرون عظمته وقدرته حق قدرها، ولا يسعون من أجل نيل رضاه سبحانه، ولا يشعرون بالخشية والخوف منه، فهم بذلك بعيدون عن الإخلاص: " قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" (سورة المؤمنون، 84-90).

والإنسان الصادق لا يرى في نفسه أبدا أنّه إنسان كامل، لأنّه لا توجد حدود لأن يكون الإنسان صادقًا، وتوجد درجات وأشكال من الصّدق يُمكن فهمها من الآيات. وهناك عشرات الأدلّة على صدق الإنسان. غير أنّ الإنسان إذا تصرّف بدون صدق في أبسط الأمور الدينيّة يُصبح مشكوكًا في صدقه. ولذلك، وحتى نحيا حياة صادقة يجب الاعتبار من سير الأنبياء.

جميع الأنبياء مرّوا في حياتهم بامتحانات صعبة، لكنهم بصدقهم استطاعوا كسب مرضاة الله سبحانه وتعالى وأصبحوا على امتداد العُصور مثالاً وقدوة لجميع المُسلمين.

ولقد كان سيدنا موسى عليه السلام وشقيقه سيّدنا هارون عليه السلام معًا نموذجًا للتّسليم والصّدق والامتثال  لله تعالى. فقد ذهبا لدعوة  فرعون - أكبر طاغية في عصره - إلى الدّين الحقّ. فقد ذهب سيّدنا موسى عليه السّلام مواجها الموت لدعوة الجاهل الذي يعتقد أنّه مالك للأرض ومن عليها، ليبلغه أنّ " الله سبحانه وتعالى هو خالق كل شيء ومالك كل شيء". ولقد ضرب لنا سيّدنا موسى مثالاً صادقا عن كيف يِجب أن يكون المُسلم المُخلص.

دمْلا بامير: يعتبر الإخلاص أساسًا في دين الله سبحانه وتعالى. وكل أفعال المسلم يجب أن تكُون مرتبطةً بالله سبحانه وتعالى، وعليه أن يزيد من إخلاصه في الإيمان. وإذا كان الإيمان صادقا فإنّ العقل والقلب يصدّقانه . وقد أخبر الله سبحان وتعالى فقال: "وَيُنَجّي الله الّذِينَ اِتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ".

وإذا كان الإنسان يقوم ببعض عباداته بدافع العادة أو تقليدًا لمن حوله، وإذا كان أيْضا يعمل على إظهار التقوى بدافع العادة والتّقليد فإنّ هذا الشّخص لا  يُخادع إلاّ نفسه لأنّ الله سبحانه وتعالى حذّر هؤلاء الناس في القرآن الكريم من القيام بعباداتهم رياء وسمعة: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ" (سورة التّوبة، 54).

أمره أجار: والمتعصّبون يعرفون  نموذج الأخلاق القرآنية والعيش وفق تعاليم القرآن معرفة جيّدة إلاّ أنّهم- بسبب فقدانهم للإخلاص في موضوع الدّين - يُحلّون الخرافات مَحلّ الدّين الحقّ ويظهرون في تديّنهم اعتقادات باطلة. وقد فضل هؤلاء المتعصبون أن يحيوا حياة لا تناسب تعاليم القرآن كما أنّهم فضلوا العيش وفق مفهوم ديني يتناسب معهم، ولا يتماشى مع متطلبات الدّين الحَنيف. ولقد عملوا على إظهار الدّين حسب رغباتهم وإرادتهم. بل وأصبحوا-حاشا لله-  يعتبرون القرآن غير كاف ولا يهتمون بآياته.

وقد عمل المتعصّبون على إدخال مواضيع في الدّين ليست موجودة في القرآن مُحدثين بذلك تغييرات وإضافات في أحكام القرآن الأصلية. ورفضوا الأحكام التي أنزلها الله، وأيضا الأحكام التي لا تتناسب وخُرافاتِهم.  ولعلّكم تتذكّرون  أننا شرحنا بالتّفصيل في الأجزاء السّابقة كيف أنّهم حرّموا النّعم التي أحلّها الله سبحانه وتعالى. والمُتعصبون يعُطون قيمة للرّوايات الكاذبة أكثر من القرآن الكريم، حاشا لله ممّا يفعلون. 

في حين أنّ القرآن حقّ، والله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نتبع القرآن الحق: "تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ" (سورة الجاثية ، 6).  غير أنّ هؤلاء المتعصبين يؤمنون بأديان وهميّة وكلمات كاذبة صنعوها بأنفسهم، ويتّبعون خرافاتهم ومعتقداتهم المزيّفة :

ولا يوجد في الإسلام الذي جاء به القرآن الكريم شيءٌ من الأخلاق والحياة التي يدعو إليها أهل التعصب. ولذلك فإنّ المسلمين لا يقبلون أيّ مفهوم خارج الإسلام الذي تحدث عنه القرآن.

دملا بامير: المتعصّبون يفتقدون إلى الإخلاص، فهم لا يسعون إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى، وإنّما همّهم إرضاء المجتمع و"ماذا يقول النّاس". في حين أنّ أساس أيّ عمل  يقوم به الإنسان هو أن تكون الغاية منه إرضاء الله سبحانه وتعالى. فأيّ شخص قبل أن يقوم بأيّة حركة، عليه أن يُراعي مرضاة الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء. وعلى الرّغم من أنّه  يقوم بأهمّ عمل لديه إلاّ أنّه قد لا يُرضي الله. وقد يحظى هذا الشخص بتقدير جميع من حوله، وقد يُعرف بفعل الخير لكنّ أعماله تذهب هباءً منثورا طالما أنّه لا يقصد بعمله ذاك إرضاء الله تعالى .

أمره أجار: ولقد أخبرنا الله عزّ وجل في كتابه الحكيم عن حال أولئك الذين يظنّون أنّهم يُحسنون صُنعًا في الآخرة،  فقال: "الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" (سورة الكهف، 104).  والإخلاص لا يكون إلاّ  في التّفكير بضمير، واليقين بأن الله سبحانه وتعالى قادر في كلّ لحظة على كشف أيّ حركة يقوم بها الإنسان. والإنسان عندما يعيش وفقا لأفكاره هو ومُيولاته الخاصة به يجد نفسه قد ابتعد عن معاني الإخلاص والصدق. وعندما ينسى المرء الله تعالى ويسعى فقط إلى إرضاء النّاس فإن ذلك يُفسد عليه إخلاصه وصدقه.

 

فالله سبحانه وتعالى يُراقب كل واحد منّا في كل حين. وهو مُطلع حتى على أفكارنا، لذلك فالإنسان المُخلص في أفكاره وأفعاله يعيشُ حياةَ الدّين الحقّ.

دملا بامير: ولا يمكن أن ننجح في الإخلاص إلا إذا  سِرنا وفق منهج  القرآن الكريم. فالإخلاص الحقيقي هو الذي يجب أن يربط الإنسان بالله عزّ وجل. وقد لا يعرف الإنسان بعض الأشياء التي تجعله يكسب رضا الله سبحانه وتعالى، لكن الله سبحانه يهدي أولئك الذين يتوجهون إليه بكل إخلاص ويرشد عباده إلى الطريق الصحيح. وأهم شيء هو أن يرتبط الإنسان بقلب مُخلص بالله تعالى. ولقد بشر الله سبحانه وتعالى أولئك الّذين سلّموا أنفسهم إلى الله تعالى بأن لا يمسّهم ضررٌ أبدًا:  "وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"(سورة لقمان، 22).  

أمره أجار: ولقد قال الرّسول صلى الله  عليه وسلم: " "البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ". ولا يمكن أن نعيش الدين بمفهومه الحقيقي في ظل الأمور الشّكليّة. وليكون الإنسان مقبولا عند الله سبحانه وتعالى ينبغي عليه أن يبتعد عن حدود الله وعن المُعاملات السيئة.

وعلى عكس ما دعا إليه الله تعالى والرّسول الرّسول صلى الله عليه وسلم من التّيسير في الدّين عند قوله "يسّروا" فإن أهل التّعصب يعملون على تعسير الدّين. وهم يدّعون أنّه كلّما عسّر الإنسان على نفسه الدّين أصبح أكثر تقوى، وبذلك يُظهر نفسه على أنّه أكثر النّاس تقوى.

وهدف الأخلاق القرآنية إكساب المؤمن مزيدًا من العمق والعقلانية والمعاصرة، وهذا النّموذج يُخالف تمامًا النّموذج الذي يوجد في ذهن المتعصّب ويسعى إلى نشرِه.

وبالنسبة إلى المتعصّبين فإن المؤشر الوحيد على التّقوى هو اللّباس واللّحية وملابس المرأة. والحال أنّ إعفاء اللحية أو عدم الاهتمام بطولها وعدم وضع الحجاب أو وضعه بأشكال مختلفة، لا يمكن أن يقيس درجة الإيمان لدى الإنسان. فالإنسان يُمكن أن ينال رضا الله عندما يحيي الأخلاق القرآنية في قلبه بكلّ إخلاص وليس بإتباع هذه الأمور الشكليّة فقط والخُضوع لضغوطات المحيط الذي يعيش فيه، عندما تسكن في قلبه الأخلاق القرآنية فعندئذ فقط يمكن القول بأنه تمكن من تحقيق الإخلاص.

دملا بامير: والمتعصّب يدّعى أنّه يمكن أن يعيش الإسلام وفق شعار " لقمةٌ وخِرقَة". وحسب هذا المفهوم فإنّ المُسلم ينبغي أن لا يكون غنيا، وحتى يكون تقيّا عليه أن يكون فقيرًا ويرضى بالذي عنده، كما يجب عليه أن يبتعد عن النّعم التي خلقها الله سبحانه وتعالى وعن كلّ الأشياء الجميلة ويحيا حياةً سلبيّةً. في حين أن المؤمن حسب القرآن الكريم ليس سلبيّا، بل بالعكس عليه أن يكون مقداما ومجتهدا ونشيطا ومضّحيًّا.

والمسلم مسؤول على نشر الأخلاق الإسلامية وتبليغ الدّين والنّأي بالنفس عن كلّ ما هو قبيح، و إظهار الصّدق مع الآخرين. وهذا هو ما يستوجبه الإخلاص والتّقوى. إنّ جميع مظاهر الجمال والنّعم الموجودة سواء في الدنيا أو في الآخرة هي خالصة للمؤمنين الذين يقدّرون هذه النعم حقّ قدرها. وفي هذا يقول القرآن الكريم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ  كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" ﴿سورة الأعراف، 32).

أما المؤمن المخلص فهو رحيم ورقيق، ينظر إلى كل شيء على أنه آية من آيات الله؛ محبّ للنّاس، محب للكائنات الحيّة، محبّ للطّيور والأطفال، باعتبار أنّ كل هذه المظاهر من آيات الله. والمُؤمن المُخلص لا يكسر قلب أحد وهو مُحترم لا يرفع صوته ولا يصيح. ولا يقول إلا خيرًا. طيّب الكلام ومرح، وهو شخص نزيه وبناء في نقده وليس بالشّخص الهدّام.

أمره أجار: والمتعصّب لا يتحدث أبدًا عن حبه لله إلاّ أنّه يدعي التّقوى. أمّا المؤمن الحقّ فإنّه يتحدث عن الله بكل عشق. ويتحدث عن عشقه للرّسول صلى الله عليه وسلم و مظاهر تجليات قدرة الله تعالى وجمال خلقه لأجل إرضاء الله سبحانه وتعالى. أما الأشخاص المتعصّبون فإنهم لا يتحدّثون عن العشق والحبّ والرّحمة لأنّ حبّهم ليس صادقًا، أو بالأحرى لأنهم يفتقدون إلى المحبّة. وحالتهم هذه تجلب لهم الإحساس بالعداوة تجاه كل ما هو جميل، وتنمّي بداخلهم مشاعر الحقد والكراهية.

أمره أجار: المتعصبون لا يحبّون الله حبا حقيقيّا، وهم لا يثقون في الله سبحانه وتعالى. وحسب زعمهم فإنّ الله تعالى يحبّ أن يُوقع عباده في الحَرج والضّيق، بينما حفظ الله النّبي صلى الله عليه وسلم من الظّلم. وعمومًا هذا هو توجّه حكاياتهم التي تقوم على الخُرافة. في حين أنّ القرآن الكريم تحدث بوضوح عن هذا الموضوع حين قال: "وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيد".  

دملا بامير: والمُتعصّب ينظر إلى نفسه على أنّه فوق الجميع، وهو مجبولٌ على الأنانية حتى و إن حاول إظهار تواضعه. وهو يعتقد أنه الأكثر تقوى من غيره، ويرى أنّ أعماله هي الأكثر صوابًا وكلّ من لا يعيش على طريقته فهو مُقصّر وفي دينه نقص. وهو لا يعتقد أن أحكام القرآن كافية بالنّسبة إليه لأنه مكتفٍ بنفسه.

والمتعصب من شدة إعجابه بعقله يرى أنّ أحاديث النّبي صلى الله لعيه وسلم  غير كافيةٍ. ولا توجد أيّة  روابط روحيّة بين المتعصبين والقُرآن الكريم وأخلاق النّبي الحميدة. فقلوبهم مريضة، وهم يعيشون حياة شرك وفق الدّين الذي أسّسوه لأنفسهم. ومهما حاولوا أن يبيّنوا أنّهم أهل تقوى فإنّهم عند الله من المشركين. وليس لهم أي نصيب من أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم الحميدة ولا من أخلاق القرآن.

ولا يمكن القضاء على  نظام التّعصب وما تسبّبوا فيه من أضرار إلا عن طريق التّعريف بأخلاق القرآن ونشرها وتقديم نماذج عن أخلاق النّبي صلى الله عليه وسلم و المسلمين الصّادقين.

دملا بامير: بعض الناس لم يتمكّنوا من تبيّن الخير الذي يُمكن أن تجلبه الأخلاق القرآنية إلى المجتمع بسبب ما نشره المتعصبون من فكــر. في حين أنّ الله سبحانه وتعالى أخبرنا في القرآن الكريم أنّ الأخلاق التي جاء بها القرآن الكريم- عكس أفكار المتعصبين الباطلة - بعيدة عن العنف و الإكراه، وهي أخلاق قائمة على المحبة والاحترام والرّحمة والعدالة.

وبالعيش وفق هذه الفضائل- فإنه وبإذن الله وفي زمن قريب - ستنتشر في جميع أنحاء العالم الدّيمقراطية والأخوّة والمحبّة والصداقة و السّلام بطريقة لم يشهد التّاريخ لها مثيلا من قبل. وسينعم  جميع البشر، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين بحلاوة الإيمان وبركته وفرحته. وعندما ينتشر الإسلام الحقّ، فإن الأخلاق الإسلامية كذلك سوف تسود في كلّ مكان.

أمره أجار: وسوف تُصبح عقلية المتعصّب غير فعالة تمامًا، إذا تزايد عدد المسلمين المتحابّين المتوادّين الذين يشعّون حبًّا وعلمًا ونورًا وشفقةً، والذين يسعون لنشر العلم وتعزيز الثقافة وتكثيف التعاون مع بعضهم البعض والذين يحتضنون بعضهم  البعض بكل حبّ. أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم: "قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ" (سورة سبأ، 49).

وبالاستناد إلى الإشارات التي وردت في الآيات وأحاديث النّبي صلى الله عليه وسلم وكلام كبار العلماء فإنّ العصر الذي  نعيش فيه الآن هو آخر الزّمان. ونحن عندما نفهم فهما سليما وجود الله تعالى ووحدانيّته، ونعرّف الناس بالإسلام كما ورد في القرآن الكريم والعهد النّبوي الشريف فإننا بذلك نمهّد الطّريق لبلوغ أيام مشرقة نأمل أن تكون قريبةً. 

دملا بامير: ونرجو أن يكون برنامجنا "الإسلام دين الجمال" طريقا لنشر الخير. ونتضرع بالدعاء لكي يتحقق وعد الله ونرى "النّاس يَدخُلون فِي دينِ اللهِ أفواجًا". وقد بشر الله سبحانه بهذه البشرى في قوله:

"إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً " (سورة النصر، 1-3).

أمره أجار: مشاهدينا الأعزّاء وصلنا هذا الأسبوع إلى نهاية آخر حلقة من برنامجنا "الإسلام دين الجمال"، إن شاء الله نلتقي معكم مرة أخرى في برامج جديدة. ودمتم في رعاية الله.