سلوك المسلم في التحدث

يَسعَد المسلمون بالتحدُّث والحوار كطبيعة بشرية خلقها الله، يُمجدون عظمته، ويبغون سبل التقرب إليه.

يسعون لتعميق إيمانهم في مناخ مبني على الحب والاحترام المتبادل، ويقرؤون الآيات ويتأمَّلونها.

يُدرك المسلم وجود الله في كل لحظة، ويعرف أن الله يسمع كل كلمة ينطق بها. ولهذا يتجنب التفوه بأي شيء يعتقد أنه يغضب الله.

يُنصت دومًا لصوت ضميره، ويستخدم طريقة صادقة لتشجيع الأمانة، والخير، والقيم الأخلاقية الحميدة.

لأنَّه يعلم أن أي طريقة أخرى للحديث ستلحق الضرر بالوحدة، والتضامن بينه وبين الله.

مذكور في آية في القرآن أنَّه:

"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (سورة فصلت، آية 33).

يكشف الله لنا في آية أخرى أنَّ البيوت التي يعيش فيها المسلمون هي تلك التي يُذكر فيها اسمه، وأنَّ هناك من يُسبحون بعظمته ليلًا ونهارًا. يتجمع الصادقون في هذه البيوت ويذكرون الله.

يتحدث المؤمنون بأكثر الأساليب صدقًا وأمانة وهم يذكرون الله، ويخوضون حوارًا ربانيًا غنيًا بآيات من القرآن.

في الحقيقة، يسعى المؤمنون إلى خلق مناخ من الفردوس على الأرض.

لهذا تجد منازلهم مثل تلك الموجودة في الفردوس، حيث تُعقد محادثات صادقة وممتعة، وحيث تُقرأ آيات الله، وحيث تُناقش الحِكَمُ الموجودة في تلك الآيات.

وبالفعل، طبقًا للقرآن، أعظم فعل للتقوى هو ذكر الله.

ليس هناك وقت ومكان يخصان هذا الأمر، ويمكن أن تنشأ محادثة بين المؤمنين يُذكر فيها الله في أي وقت.

لهذا يكشف القرآن عن هذا:

"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (سورة آل عمران، آية 191).

يُعدُّ الحديث الذي لا يُذكر فيه اسم الله، حديثًا فارغًا يُسبب اضطراب الروح البشرية.

على سبيل المثال، عندما يرى المؤمنون منزلًا جذابًا، يتحدثون عنه، لأنَّ المنازل الجذابة إحدى نعم الجنة.

يزيد الحديث عن تلك المواضيع من حماسة المؤمنين، ورغبتهم في الفوز بالجنة. لا ينسى المؤمنون أبدًا أنَّ هذا المنزل، وهذا العالم نفسه، ليسوا إلا مرحلة انتقالية، وأنَّهم سينتهون من الوجود في يومٍ ما، وأنَّ الله خلقهم اختبارًا للمُخلِص.

الكافرون، أيضًا، يُمكن أن يتحدثوا لساعات عندما يرون مثل هذا المنزل، لكن حديثهم مجرد تعزيز لارتباطِهم بهذا العالم.

يذكر المؤمنون الله في كل أقوالهم، ويُذكِّرون بعضهم البعض به في كل الأوقات، هذا هو مصدر السلام والسعادة في قلوبهم.

تكشف إحدى الآيات عن هذا:

 

"أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (سورة الرعد، آية 28).