اجتذاب الجماهير عن طريق كرة القدم

 اجتذاب الجماهير عن طريق كرة القدم

 

هارون يحيى

 

بدأت كرة القدم كلعبة ممتعة طورها العمال في أحياء المُدن البريطانية، وعملية تحول هذه اللعبة إلى إحدى أكثر الرياضات شعبية في العالم والمنافسات الدولية مثيرة للاهتمام للغاية وتستحق أن تُدرس. تُسيس البلاد مُمثلة في مُنتخباتها الوطنية لكرة القدم من وقت لآخر، إذ تُعقد مباريات ودية في بعض الأحيان للمصالحة بين البلاد. أصبحت اللافتات الكروية هي الخطوة الأولى للصداقة بين العديد من المشجعين بين الجماهير التي تتابع كرة القدم، أصبحت فرق كرة القدم قدوة يُحتذى بها في بلدانها، وأصبح لاعبو كرة القدم قدوة لمجتمعاتهم، هذا هو السبب في أن النُبل هو صفة لازمة في هذا القطاع.

 

وعلى غرار المسابقات الرياضية الكبرى الأخرى، لدى كرة القدم أيضًا أثر إيجابي على المجتمع، كما يُمكن أن تؤثر على العلاقات الدولية أيضًا. لكن هناك جانبًا من جوانب كرة القدم والذي يمكن أيضًا أن يكون خطيرًا: التعصب.

 

عندما ندرس الآثار الاجتماعية لكرة القدم على النحو المذكور للتو، نرى أن الحماس والإثارة قد أفسحت الطريق إلى التعصب والذي يُؤدي بدوره إلى أعمال العنف والعنصرية. للتغطية الإعلامية واللغة المستخدمة في هذه الصناعة أهمية كبيرة في هذا الصدد، على سبيل المثال، دائمًا ما تحظى المباريات التنافسية بين الفرق الكبيرة على تغطية كبيرة من وسائل الإعلام بطريقة عادة ما تُحرض على روح المنافسة الضارة، الوصف المبالغ فيه والتعليقات قبل وبعد هذه المباريات تُضيف الوقود اللازم للتحريض على مثل هذه السلوكيات وتسلب روح اللعبة من الناس وتُحولهم عمليًا إلى هوليجانز ومُثيري شغب.

 

على سبيل المثال، عندما هزمت الأرجنتين بيرو يوم 24 مايو عام 1964، خلال التصفيات في بيرو، ثار المشجعون ونتيجة لهذا الاضطراب قُتل 318 شخصًا وجرح 500 شخص آخر.

 

عقب المباراة بين البلدين المتجاورتين السلفادور وهندوراس في تصفيات كأس العالم لكرة القدم لعام 1970، اندلعت حرب استمرت لمدة 100 ساعة، أصبحت الحرب معروفة باسم "حرب كرة القدم" وتسببت في وفاة 2,100 شخص وخلفت أكثر من عشرة آلاف مُصاب، انتهت هذه الحرب بعد تدخل منظمة الدول الأمريكية.

 

وبالمثل، في المشاجرات التي اندلعت بين مشجعي فريقي يوفنتوس وليفربول في نهائي كأس أوروبا الذي لُعب في بلجيكا يوم 29 مايو عام 1985، قُتل 39 شخصًا. وأيضًا خلال المباراة التي أقيمت في ليبيا يوم 14 يوليو عام 1996، قُتل 50 شخصًا. في جنوب أفريقيا يوم 11 أبريل عام 2001، قُتل 43 شخصًا، وفي مباراة بين كوت ديفوار ومالاوي في تصفيات كأس العالم والتي لُعبت في يوم 29 مارس عام 2009 فقد 22 شخصًا حياتهم.

في عام 2012، توفي 74 شخصًا وأصيب الآلاف بجروح حين اجتاح مُشجعو فريق المصري الملعب بعد المباراة التي لُعبت في مصر بين فريقي الأهلي والمصري، أشعل مجموعة من المشجعين النار في الملعب، وتوجب على الجيش المصري التدخل واتخاذ إجراءات للحفاظ على النظام والسلامة.

من المهم أن تُبعد كرة القدم خارج هذه الأفعال غير الأخلاقية البشعة، لا ينبغي أن تغطي وسائل الإعلام أقوال الأشخاص الذين يحرضون ويدعون للتعصب والعنف والعنصرية في كرة القدم، يجب على وسائل الإعلام ألا تدعم العنصرية والتعصب. نظام تعليمي قائم على الحب له أهمية حاسمة في هذا الموضوع.

 

مع تخصيص تعليم نوعي يستهدف مشجعي كرة القدم، سيكون من الممكن تحويل صناعة كرة القدم إلى بيئة تعليمية من شأنها أن تقود الناس بشكل إيجابي. هذه الصناعة الرياضية المهمة وذات التأثير البعيد ينبغي ألا تكون مصدرًا للشغب أو المنافسات المُغذاة بالغضب أو العنف، يجب القيام بتغييرات جوهرية تُركز أكثر على المحبة والأخوة في كرة القدم. المسؤولية تقع على عاتق فرق كرة القدم ووسائل الإعلام وبالطبع على عاتق لاعبي كرة القدم في هذا الصدد. من الفنون وحتى الصناعة، على كل قطاع مسؤولية كبيرة لإحلال الحب في كل العالم. وينبغي على منظمات كرة القدم في جميع أنحاء العالم أن تشترك بالتأكيد في هذه المسؤولية أيضًا.