2 تجنب الجدال والخلاف

يُشير القرآن إلى الميول البشرية للجدالِ:

"وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا" (سورة الكهف، آية 54).

بعض الناس لا يُجادلون من أجل الموازنة بين الأفكار المختلفة.

كل ما يسعون له هو رغبة دنيوية في المواجهة.

في النزاعات التي من هذا النوع، لا يحاول أي طرف تقييم حجة الطرف الآخر بهدف الوصول إلى الحقيقة.

بل يسعون إلى مجرد فرض آرائهم الخاصة وإسكات الطرف الآخر.

لهذا يدور جدال لفظي بصوت عالٍ وتعابير وجه متحفزة، وربما تتحول إلى أعمال عنف في بعض الأحيان.

وأكثر شيء غير منطقي بين كل هذا هو الطريقة التي يُجادل بها البعض عن مواضيع لا يملكون أي فكرة بخصوصها على الإطلاق.

وينصب اهتمامنا على هذا الموضوع في آية من القرآن:

 

"هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (سورة آل عمران، آية 66).

 

يفعل الشيطان كل ما في وسعه لإثارة ونشر الجدال، لكي يُضل الناس ويصدهم عن سبيل الله ويجعلهم يُضيِّعون كل حياتهم.

يُصور الجدال كأمر مُبهج وجذاب.

لكن يتجنب المؤمنون أي نوع من أنواع الجدال، أو النزاع، الذي قد يؤدي إلى إضعاف روح الوحدة، والتكاتف، والإخاء.

لا يسعى أي مؤمن أبدًا إلى التمسك برغباته وتقديمها أمام رغبات إخوانه، لأنَّه ليس متعجرفًا، ولهذا لا توجد حاجة للانخراط في مثل هذا السلوك السطحي والدفاع بشكل أعمى عن فكرة كل ما يُميزها أنَّها فكرته.

عندما يختلف مؤمن ورع مع آخر في الرأي، يضع رأيه الشخصي، لكنَّه يستمع بكل إنصات للطرف الآخر.

ثم يلتزم بعد ذلك بالكلمات الجيدة التي أمرنا بها القرآن.

بعبارةٍ أخرى، يلتزم بالحقيقة في ضوء الأحكام التي عبَّر عنها القرآن. ولا يُصر على رأيه الشخصي إن اتضح خطؤه.

  دائمًا ما يستشير الآخرين، ويتقبل نصحهم، لأنَّه يعلم أن النصيحة تنفع المؤمنين.

"وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" (سورة الذاريات، آية 55).