2- على طريق العلم عالم النباتات

2- على طريق العلم

عالم  النباتات

عندما نذكر هيدروجان اثنان وأكسيجين واحد فإننا نعني به الماء الذي يعد الجزيء الأهم في تشكيل أساس الحياة كلها . تحافظ النباتات على حياتها بفضل الماء  الذي يصل الى كل أوراقها بعد أن تكون قد تلقت الطاقة اللازمة المشكلة من عملية التركيب الضوئي، ثم يتم بعدها تجميع هذه المعادن فتنتج لنا الفواكه المهمة. قد يكون أساس الحياة بالنباتات. فهذه النباتات تحول لنا طاقة الشمس بواسطة هذه الأوراق الخضراء الجميلة إلى نعم ممتلئة بمخزون المعادن وبجميع الفيتامينات إلى انواع عديدة أخرى من الفواكه كالبرتقال والبطيخ الأصفر والبطيخ الأحمر .

حسناً ما هي عملية التركيب الضوئي؟  عملية التركيب الضوئي هي عملية جد معقدة تشمل جميع الأعمال الكيميائيه، وهي تكنولوجيا خاصة جدا تعتمد بالأساس على الطاقة الموجودة في الإلكترون من خلال تحويل هذه الطاقة إلى ذاتها ، وفي النهاية تحولها الى بطارية شحن بيولوجية نقول عنها أي تي بي ATP . هذه التكنولوجيا موجودة منذ ملايين السنين في النباتات، بل إنها موجودة منذ مئات الملايين من السنين. إن عالم النباتات في الحقيقة عالم مفعم بالعجائب. فهذا النبات الذي شاهدتموه هو نوع من أنواع زينة النبق. فهذا النوع لا تتساقط أوراقه، وعلى سبيل المثال نلاحظ أننا الآن في شهر شباط وقد تساقط عدد كبير من أوراق النباتات الأخرى في حين أن أوراق هذا النبات وكل أوراق شجرة زينة النبق لم تتساقط أبدا. إن النباتات ذات الأوراق الحادة مثل الصنوبر  يمكن أن تعيش طويلا لأن أوراقها جد رقيقة، كما أن أوراقها لا تخسر كمية كبيرة من الماء ، وتستطيع مقاومة ظروف الشتاء القارس.

 لكن كيف يبقى نبات زينة النبق على قيد الحياة ؟  هذا النبات له خاصية يتفرد بها، وقد تحدث الله عنها، حيث يوجد بروتينات خاصة جدا في الحمض النووي لهذا النبات. فعندما تكون أشعة الشمس حارقة جدا في فصل الصيف تتشكل طبقة من الفضة الخاصة يمكن رؤيتها بشكل واضح على هذه الأوراق و تغطيها. هذه الطبقة الفضية  تحمي الأوراق من فقدان الماء الموجود فيها.  وبالتالي تحمي هذه الأوراق نفسها من حالة التعرق في فصل الصيف ومن حالة تجمد المياه في فصل الشتاء ومن أي تأثيرات أخرى. وتكون الأوراق بواسطة هذه الطبقة قد قامت بعملية عزل خاص يمنع الحرارة و فقدان المياه الموجودة فيها. إن نبتة زينة النبق لا تملك هذا النظام بنفسها. فهذا النظام موجود منذ أول لحظة وبشكل كامل في خلاياها مع جميع البروتينات الضرورية ومع جميع آلياتها مثلما هو الحال في كل الكائنات الحية.  

 نحن الآن مع  واحدة من أكثر الأشجار التي تستهلك كيمة أكبر من المياه في العالم ، إنها شجرة الكينا. نرى أن هذه الشجرة مقارنة ببقية النباتات الأخرى وبسبب خاصية استهلاكها لكمية كبيرة من الماء يتم غرسها بشكل مكثف في المناطق التي يُراد منها تجفيف المستنقعات. الماء مهم جدا داخل النباتات. فمهما كانت كمية استهلاك الماء، سواء أ كانت قليلة أم كثيرة فإنه من المؤكد أن كمية الماء هذه ستصل الى الجذور، ثم بعد ذلك تمر الى الجذع، ثم تنتقل إلى الأغصان عبر المسارب الموجودة في الجذوع  لتنتقل بعدها إلى أدق الفروع ، وفي النهاية تصل الى الأوراق و إلى الفواكه.  

 حسناً كيف تحدث عملية إيصال الماء دون استخدام مضخة أو أي عضو متحرك؟  يمكن تفسير ذلك بوجود قوتين أساسييتن هما: الأولى هي وجود جذور للشجرة ممتدة تحت التراب على مساحة واسعة، وهذه القوة تقوم بامتصاص الماء داخل الخلايا الموجودة في الجذور  وهي عملية شبيهة بامتصاص المنديل للماء، ثم تقوم بعد ذلك بالضغط المطلوب لإيصال الماء الموجود إلى الأوراق في أبعد مكان. تسمى هذه العملية بقوة " ضغط الجذور". بعد امتصاص ماء الجذور يصعد الماء إلى أعلى قمة في الشجرة كما لو أنه  قطعة حديد أو كتلة صلبة. لا ينقطع الماء أبدا أثناء صعوده إلى أعلى. أما القوة الثانية فهي القوة التي تلعب دورا في القوة المتماسكة المتكونة عن طريق تجاذب ذرات الهيدروجين فيما بينها بشكل سلبي. وعادة ما يصعد الماء إلى الأعلى كما لو أنه قطعة صلبة موحدة. ثم تتشكل بعد ذلك قوة أخرى بسبب الرغبة في السحب من أسفل للماء الذي فقده النبات من الأوراق بسبب التعرق، وهو ما يمكن أن نطلق عليه اسم القوة الثالثة الموجودة في الأعلى. وهكذا وبفضل هذه القوى الثلاثة يكون النبات قد وصل إلى الماء الذي يرغب فيه.

    لو أردنا أن نخرج الماء الذي خسرته النبتة إلى الأعلى بهذا القدر من الأمتار بنفس الطريقة لاحتجنا إلى طاقة قوية وإلى محرك كهربائي قوي. لكن الله تعالى أوجد بشكل كامل في هذا النبات وفي جميع النباتات داخل حمضها النووي تكنولوجيا دفع الماء الضرروي في هذه الكائنات الحية التي تشكل أساس الحياة . لم يتشكل هذا ولن يتشكل خلال ملايين السنين في أي نبات بواسطة الطفرات التي تتشكل صدفة. هو موجود منذ اللحظة الأولى التي يحتاج فيها النبات الى الماء. لذلك استوجب أن يكون موجودا في التكنولوجيا التي ستؤمن هذا الاحتياج. فليس ممن المكن أن يعيش النبات لملايين السنين دون أن يأخذ الماء.

أنا الآن أقف بجانب شجرة البتولا . هذه الشجرة هي واحدة من أنواع النباتات التي تتميز بامتلاك أحفورات ورقية لملايين السنين. ورغم أننا الان في شهر شباط وتساقط أوراق هذه الشجرة الا أننا نجد أنفسنا وجها لوجه في هذه اللحظة مع هذه الشجرة التي تمتلك زهورا تفوح جمالا وتتوشح بألوان بديعة جدا. والآن أريد أن أريكم الشجرة و أحفورة أوراقها. مثلما ذكرنا منذ البداية حول النباتات فإنه لم يطرأ أي تغيير على هذه الأحفورة وتشهد بأنها خلقت بشكل كامل لا يعتريها أي نقص. وهذا ماتظهره لنا الدلائل العلمية، وتعد الأحفورات أكبر دليل على هذا.

الآن نحن نشاهد أمامنا هذا المقعد الخشبي. إنه نعمة من نعم الله تعالى التي خلقها لنا بواسطة هذه النباتات .فنحن عندما نجلس هنا نكون قد استخدمنا هذه النعمة. هنا تستطيعون أن ترتاحوا وسط هذه الحديقه الرائعة . ننشئ منها منزلاً , نصنع منها أثاثاً للمنزل وأدوات أخرى كثيرة. كما تستفيد منها حشرات كثيرة وانواع أخرى من الحيوانات، حيث تبني في جذوعها أعشاشها ومنازلها . لا يمكن أن نحصي نعم الله في فوائد جذوع الشجرة ولأخشابها التي تستفيد منها عدة كائنات حية أخرى. حسنا كيف هي الكيماء الموجودة خلف هذه الصلابة؟ تمتلك جميع الكائنات الحية قدرا كبيرا من الطاقة في جزيئات الكربوهيدرات باعتباره مصدرا من مصادر الطاقة وهي طاقة الجليكوز. فالجليكوز هو كربوهيدرات سداسي الكربون ، ويوجد في داخله الماء والكربون، ويقال له كربوهيدرات لتوحد الماء مع الكربون. فإذا ما قمتم بإنقاص واحدة من الماء من هذا الجليكوز السداسي الكربون فإنكم  تصلون إلى صيغة السليلوز. فالسليلوز تم الحصول عليه من خلال نقص جزيء الماء من الجليكوز السداسي الكربون، وقد تشكل حسب بنية ارتباطه به حتى وصل الى هذه البنية الصلبة المقاومة. وهكذا فإن هذه الصيغة الكيمائية الخاصة مهمة جدا بالنسبة الى جميع الكائنات الحية ، كما أنها نعمة تحمل معنى الحياة أي هي سبب في  تكون الحطب أو الخشب.