معجزات القرآن الكريم – الجزء الخامس

منذ أربعة عشر قرنًا، أرسل الله تعالى للبشر كتابه القدسي الأخير، وهو القرآن الكريم.

وهذا الكتاب بمثابة معيار لكل شيء إلى يوم الحساب.

الأسلوب الفريد والحكمة السامية والخصائص البارزة التي يحتوي عليها القرآن الكريم، هي دلائل واضحة أن الذي أنزله هو ربنا سبحانه وتعالى.

وهناك أوصاف دقيقة لحقائق علمية هامة جدًا في الكثير من الآيات القرآنية، تم التعبير عنها بأكثر الطرق إبداعًا وحكمة.

ومع ذلك فقد كان من المستحيل إثبات هذه الحقائق العلمية نظرًا للمستوى العلمي والتكنولوجي في الوقت الذي أنزل فيه القرآن، منذ أربعة عشر قرنًا.

وقد تم اكتشاف هذه الحقائق العلمية بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة، وهذه الخاصية هي واحدة من معجزات القرآن الكثيرة.

وليس هناك شك في أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

"مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" سورة يوسف 11.

 

 

بدء الخلق من الدخان الساخن

 

اكتشف العلماء بوسائل التكنولوجيا المعاصرة أنه بعد الانفجار العظيم كانت جزيئات الغاز - التي تفرقت في هيئة دخان - كانت تطوف لوقت طويل ثم تجمعت بسبب الجاذبية وهكذا تشكلت المجرات، بعد ذلك كونت هذه المجرات النجوم والكواكب حولها، وهذه الحقيقة موصوفة في القرآن الكريم المنزل منذ أربعة عشر قرنًا، مؤكدًا على هذه الاكتشافات العلمية، في سورة فصلت الآية 11 التي تحكي عن خلق الكون، أوضحت أن السماوات أو الكون بتعبير آخر، كان في هيئة دخان:

"وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ* ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" سورة فصلت 10-11.

وتشير الكلمة العربية (السماء) هنا إلى الكون بأكمله، وتصف كلمة (دخان) المادة التي كان عليها الكون قبل أن يتخذ هيئته، وهو الغاز الفضائي الساخن، الذي يعرفه العلماء.

في أسلوب محدد، هذه الكلمات القرآنية تصف ذلك الدخان بدقة شديدة، حيث أنه جسم غازي ساخن يحتوي جسيمات متحركة تتصل بمواد صلبة، وقد استخدمت أكثر كلمات اللغة العربية ملاءمة لوصف ظهور هذه المرحلة الكونية. ونلاحظ أن العلماء لم يكتشفوا هذه الحقيقة العلمية سوى في القرن العشرين، وهي الحقيقة التي بينها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا.

بالإضافة إلى ذلك، تحمل كلمة (ثم) المستخدمة في الآية "ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ" معانٍ أخرى مثل (هنا، بالإضافة، أيضًا، مرة أخرى، كذلك)، وكلمة ثم هنا ليست تعبيرًا عن الوقت ولكنها توضيح إضافي. وحقيقة أن مثل تلك المعلومة عن خلق الكون منزلة في القرآن ليست أقل من أن تكون معجزة قرآنية.

يشرح مصدر علمي كيف أن الكون والنظام الشمسي تكونا من كتلة ساخنة من الغاز:

"بعد ثلاثمائة مليون عام من الانفجار العظيم، تكونت النجوم والمجرات، وبدأت قوة الجاذبية بالتأثير على عدم انتظام الكثافة في المواد الغازية، وباستمرار تمدد الكون بسرعة أكبر، تكونت جيوب الغاز وصارت أكثر وأكثر كثافة، ومن هذه الجيوب تكونت النجوم.

ومنذ خمسة مليارات سنة تكون نظامنا الشمسي، وقد تكونت شمسنا في سحابة من الغاز في شكل ذراع حلزونية نعرفها الآن باسم مجرة درب التبانة، ثم أنجبت سحابة ضخمة من الغاز والأنقاض، تحيط بهذا النجم الجديد الكواكب والقمر والكويكبات".

التسلسل الزمني لعلم الفلك والفضاء .. "خلق الكون والنظام الشمسي"

لا تزال هذه العملية مستمرة، فتكون النجوم يشكل سحبًا من الغاز يمكن أن يرصدها العلماء اليوم. 

ووجود حقيقة بشأن خلق الكون في القرآن الكريم المنزل منذ أربعة عشر قرنًا لم يتم اكتشافها إلا في القرن العشرين، هي بالتأكيد معجزة تثبت أنه كلام الله عز وجل.

 

 

اتجاه دوران الأرض

 

لقد أصبحت حقيقة معروفة الآن أن الأرض تدور، والقرآن الكريم يصف بوضوح اتجاه هذا الدوران.

وهذه الحقائق موضحة في القرآن الكريم في هذه الكلمات، وقد أنزلت في القرن السابع عندما كان يُعتقد بأن الأرض مسطحة ومستقرة على ظهر ثور.

"وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" سورة النمل 88.

تؤكد الآية على أن الجبال ومن ثم الأرض نفسها، تتحرك بنفس الطريقة التي تتحرك بها السحب.

يحتشد اتجاه حركة السحاب الركامي عند ارتفاع أربعة آلاف متر تقريبًا، من الغرب إلى الشرق دائمًا، وهذا الاتجاه هو نفسه الذي تدور فيه الأرض حول محورها.

ولذلك، فقد تم التوضيح في الآية الكريمة بطريقة إعجازية أن الأرض تتحرك من الغرب إلى الشرق، في نفس الاتجاه الذي تتبعه السحب.

والأهم أنه قد تم توضيح هذا قبل أربعة عشر قرنًا من الآن، وفي ذلك الوقت لم يكن الناس يعتقدون بأن الأرض كروية، وأنها تدور حول نفسها، وأنها تدور من الغرب إلى الشرق.

 

شكل المجسم الأرضي (جيود)

 

لمئات السنين كان الناس يتخيلون أن الأرض مسطحة.

وقد تم معرفة شكلها الحقيقي فقط عن طريق استخدام الوسائل التكنولوجية.

كوكبنا كروي الشكل.

ولكنه ليس كرويًا تمامًا مع ذلك.

فشكله بيضاوي، مسطح قليلًا عند القطبين وبارز عند خط الاستواء.

يوصف هذا الشكل الفريد للأرض باسم جيود، وقد اكتشف فقط في القرون القليلة الماضية.

شكل الأرض الفريد هذا قد وصف بوضوح في القرآن الكريم، في تلك الآيات:

" وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا" سورة النازعات 30.

في الآية السابقة، استخدمت كلمة "دحاها" في النص الأصلي.

 اختيار هذه الكلمة لوصف الأرض أمر مدهش في حد ذاته، لأن كلمة دحا تأتي من كلمة دحو في اللغة العربية، وهي الكلمة التي تصف.

على سبيل المثال، الكلمات المستمدة من هذا الأصل تستخدم أيضًا للمكان الذي تضع فيه النعامة بيضها، وللبيض نفسه.

وفي الحقيقة، الأرض مسطحة بشكل يذكرنا بالبيضة، ويعرف شكل الأرض الكروي والمسطح قليلًا باسم جيود.

استخدام كلمة دحاها يحتوي على معلومات مهمة عن الشكل الذي أعطاه الله سبحانه للأرض.

وليس هناك شك أن هذا الاهتمام الموجه في القرآن الكريم إلى تلك الحقائق وفي تلك الفترة حيث كانت معرفة الناس الخاصة بالكون محدودة للغاية، هو دليل ساطع على أنه كلام الله عز وجل.

 

 

كيف تبدأ عملية التمثيل الضوئي في الصباح

 

النباتات هي مصدر الأكسجين الذي نتنفسه، فهي تخزن الطاقة الشمسية في صورة مواد غذائية يمكن أن ينتفع بها البشر والحيوانات، وتعرف هذه الآلية باسم التمثيل الضوئي.

خلال عملية التمثيل الضوئي، تمتص النباتات غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز مضر لا يستطيع الإنسان تنفسه، من الهواء وتخرج مكانه غاز الأكسجين، وهي تحتاج إلى ضوء الشمس لإتمام هذه العملية.

المكون الرئيسي لعملية التمثيل الضوئي هو غاز الأكسجين الذي نتنفسه.

التمثيل الضوئي هو نظام مبني على معادلة كيميائية صعبة الفهم وعلى توازنات دقيقة تتضمن أرقامًا ووحدات أوزان صغيرة جدًا بحيث لا يقابلها الإنسان في حياته اليومية.

لا يمكن ملاحظة هذه العملية بالعين المجردة، لأنها تعتمد على الإلكترونات والذرات والجزيئات.

لملايين السنين كانت النباتات تقوم بإنتاج الأكسجين والعناصر الغذائية والطاقة التي نحتاج إليها بواسطة عملية التمثيل الضوئي، والتي تم اكتشافها في القرن السابع عشر، ولم يكتشف بعد الكثير من آليات عملها.

تقاس إنتاجية عملية التمثيل الضوئي بمستوى الأكسجين المخرج، ويكون أعلى مستوى في الصباح حيث تكون أشعة الشمس أكثر تركيزًا.

هذه الحقيقة الهامة مشار إليها في القرآن الكريم بهذه الكلمات:

"وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" سورة التكوير 17 - 18.

مصطلح "إذا تنفس" في هذه الآيات هو إشارة مجازية إلى التنفس أو الشهيق أو التنفس بعمق.

تعبير "والصبح إذا تنفس" يشير بإعجازية إلى أن إنتاج الأكسجين، وهو المكون الأساسي لعملية التنفس، يبدأ في الصباح.

منذ أربعة عشر قرنًا لم يكن الناس بطبيعة الحال يدركون أن النباتات تستخدم أشعة الشمس لإنتاج الأكسجين عن طريق عملية التمثيل الضوئي، ولا أن هذه العملية تبدأ في الصباح.

ومع ذلك فربنا العليم سبحانه يبين ذلك في القرآن الكريم، مستخدمًا الأسلوب الأكثر الحكمة.

 

الظلام في المحيطات والأمواج الداخلية

يمكننا باستخدام تكنولوجيا العصر الحالي أن نحصل على الشكل الجغرافي العام لأي محيط، وأن نحصل على مستوى الملوحة به، وكمية المياه الذي يحتوى عليها، ومساحة سطحه وعمقه.

تلعب الصناعات المتطورة تحت الماء والعديد من الأجهزة الخاصة دورًا مهمًا في المعلومات التي تصل إلينا.

وفي غياب هذه الصناعات من المستحيل تقريبًا أن ينزل أي إنسان أكثر من 70 مترًا تحت الماء.

إذًا فالعلماء استطاعوا الحصول على معلومات مفصلة حول المحيطات فقط في الآونة الأخيرة.

إحدى الآيات القرآنية المتعلقة بالبحار تقول:

"أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" سورة النور 40.

إحدى المعلومات التي تجذب انتباهنا في هذه الآية هي حقيقة أنه بالإضافة إلى الأمواج الموجودة على السطح، هناك أيضًا نوع آخر من حركة الأمواج تحت الماء.

وقد اكتشف العلماء مؤخرًا فقط وجود هذه الأمواج الداخلية ما بين طبقات المياه في أعماق البحر بكثافات مختلفة.

لا ترى الأمواج الداخلية بالعين المجردة، مع أنه يمكن تبينها باختبار تغير درجة الحرارة والملوحة في أعماق معينة.

من المستحيل تمامًا في غياب أساليب وأدوات تكنولوجيا العصر الحالي، أن يكون لدى أي إنسان معرفة بحركة هذه الأمواج تحت البحر.

ومع ذلك ففي القرآن الذي نزل منذ أربعة عشر قرنًا، يخبر الله تعالى عن هذه الأمواج الداخلية في أعماق المحيطات.

حقيقة أن هذه المعلومات قد نزلت في آية، في وقت لم يكن لدى الناس فرصة للغوص في المحيطات وإجراء الأبحاث، تثبت مرة أخرى بوضوح أن القرآن هو كلام الله عز وجل.

والآن فلنتأمل التسلسل الوارد في الآية: فهي تشير أولًا إلى الظلام في المحيطات، ثم إلى الأمواج الداخلية الموجودة فيها، ثم إلى الأمواج الموجودة على السطح، وأخيرًا إلى السحب من فوقهم. النقطة التي تحتاج إلى اهتمام خاص هي أنه يوجد ظلام تحت كل هذا.

في الواقع، أظهرت الأبحاث التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة أن الضوء لا يمكنه النفاذ أكثر من 200 متر تقريبًا تحت سطح الماء، وأن الظلام التام يسود بعد 1000 متر.

مع ذلك، من المستحيل على أي إنسان في غياب الآلات المتطورة تحت المائية النزول إلى الأعماق، وإجراء الدراسات، واكتشاف أن الماء يصبح مظلمًا.

لا يزال هناك ضوء في عمق 70 مترًا، وهو أعمق ما يمكن أن ينزل إليه الإنسان بدون أدوات وأجهزة تكنولوجية، ولا يوجد ظلام في هذا العمق.

إذًا فقد كان من المستحيل في القرن السابع، الوقت الذي نزل فيه القرآن، أن يقوم أحد بالغوص وأن يكتشف ظلمة المحيطات بدون الأجهزة المخصصة وخزانات الأكسجين.

وحقيقة أن الظلام الموجود في البحار قد تم توضيحه في القرآن هي معجزة علمية قرآنية أخرى.

 

 

الدورة الدموية وتكون الحليب

 

وصف تكون الحليب في أجسام الحيوانات في آية في القرآن:

"وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ" سورة النحل 66.

لفهم هذه الآية بشكل أفضل سيكون من المفيد أن نلخص سريعًا الجهاز الهضمي والدورة الدموية في الحيوانات.

يتم هضم الطعام الذي تأكله الحيوانات في الجهاز الهضمي بالمرور بعدة مراحل، فالمواد التي تم هضمها تدخل مجرى الدم من خلال جدار الأمعاء.

تتوزع المواد الكيميائية الدقيقة التي تدخل إلى مجرى الدم على أعضاء الجسم المناسبة عن طريق الجهاز الدوري.

يتوزع بعض هذا المزيح على العضلات ويتوزع البعض على أنسجة الجسم، ويصل البعض الآخر إلى غدد الحليب ليتحول إلى حليب.

ومثل أنسجة الجسم الأخرى، فغدد الحليب تتغذى على المواد الغذائية التي ينقلها الدم، وبالتالي فالدم يلعب دورًا مهمًا للغاية في تجميع ونقل المواد الغذائية.

يفرز الحليب عن طريق غدد الحليب في أعقاب كل هذه المراحل، وهكذا ينتج الحليب نظيفًا ومغذيًا وفي بياض الثلج، من الدم والمواد الغذائية نصف المهضومة التي لا يستطيع البشر استهلاكها مباشرة.

لا يستطيع البشر استهلاك المواد الغذائية شبه المهضومة مباشرة لا من معدة الحيوان ولا من دمه،  والأكثر أنهم لو قاموا باستهلاك إحدى هذه المواد قد يؤدي ذلك إلى تسمم غذائي حاد أو حتى إلى الموت.

ولكن بفضل الأنظمة الحيوية المعقدة للغاية التي خلقها الله، فهو سبحانه وتعالى يمنحنا من هذه السوائل شرابًا صحيًا ونظيفًا ومغذيًا.

تكون اللبن هو معجزة رائعة في حد ذاته، ولكن حقيقة أن مثل هذه المعلومات المفصلة بهذا الشأن، والتي لم يكن من الممكن أن يعرفها الناس في ذلك الوقت عندما نزل القرآن الكريم، وأنها وردت في القرآن هي معجزة أخرى.

وصف التكوين البيولوجي للحليب في هذه الآية هو توافق كبير مع الحقائق التي اكتشفتها علوم العصر الحديث.

ومن الواضح تمامًا أن مثل تلك المعلومات، والتي تتطلب معلومات مفصلة عن الجهاز الهضمي عند الثدييات، لم يكن ممكنًا أن تكون معروفة في الوقت الذي نزل فيه القرآن، وهذه المعلومة هي واحدة من الدلائل على إحاطة علم الله تعالى بكل شيء.

 

انقباض مع زيادة الطول

يحتاج البشر إلى الأكسجين وإلى ضغط الهواء من أجل العيش.

والتنفس يسمح للأكسجين الموجود في الهواء أن يدخل إلى الحويصلات الهوائية الموجودة في الرئتين.

مع ذلك فمع زيادة الارتفاع ينخفض الضغط الجوي حيث يصبح الهواء أخف وزنًا، ومن ثم تنخفض نسبة الأكسجين ويصبح التنفس أصعب.

وحيث تنقبض الحويصلات الهوائية وتصبح أضيق، نشعر بأننا غير قادرين على التنفس.

إذا كانت نسبة الأكسجين في الدم أقل مما يحتاجه الجسم، تظهر عدة أعراض منها الإرهاق الشديد والصداع والدوار وفقدان الحكم.

عند الوصول إلى ارتفاع معين، يصبح من المستحيل على الإنسان أن يتنفس على الإطلاق، ولهذا السبب نحتاج إلى أنابيب الأكسجين وإلى ملابس خاصة للبقاء أحياء في هذه الارتفاعات.

قد يفقد الشخص وعيه على ارتفاع 5000 إلى 7000 متر فوق سطح البحر ويدخل في غيبوبة بسبب صعوبات التنفس.

وهذا يفسر وجود أجهزة الأكسجين في الطائرات، وهناك أيضًا أجهزة خاصة لضبط ضغط الهواء في الطائرة عندما تطير على ارتفاع 9000 إلى 10000 متر فوق سطح البحر.

تثير الصعوبات في التنفس التي تحدث بسبب زيادة الارتفاع انقباضًا في الصدر وشعورًا بالضيق، وهذه الحقيقة العلمية مبينة في القرآن كما يلي:

"فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" سورة الأنعام 125.

بالطبع لم يكن لدى سكان شبه الجزيرة العربية في القرن السادس أية فكرة عن الطيران في الهواء أو تسلق الجبال بارتفاع آلاف الأمتار مما يسمح لهم باختبار ضيق التنفس المشار إليه في القرآن، ولكن هذه المعلومات كانت مقدمة إلى المسلمين في كتابنا المقدس القرآن الكريم "تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ".

 

نجم الشعرى

The star Sirius is the brightest star in the night sky. Astronomers have calculated its distance from us as being 8.5 light years.

نجم الشعرى هو أسطع النجوم في السماء ليلًا، وقد قام علماء الفلك بحساب المسافة منه إلينا بـ 8.5 سنة ضوئية.

وقد لوحظ في السنوات الأخيرة فقط، بفضل التلسكوبات الحديثة، أن نجم الشعرى يتحرك مع نجم آخر أصغر منه بكثير ولا يرى بالعين المجردة.

يسمي العلماء هذين النجمين بالشعرى أ والشعرى ب.

النجم الأكبر فيهما هو الشعرى أ، وهو النجم الأكثر سطوعًا ويمكن رؤيته بالعين المجردة، وكتلته ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، وهو أكثر سطوعًا منها بعشرة أضعاف.

على الجانب الآخر، فالشعرى ب هو نجم قزم لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، وهو يمتلك تقريبًا نفس كتلة الشمس، وعلى الرغم من أن قطره أكبر من الشمس بأربع مرات فقط، فهو أكثر كثافة بكثير.

يتحرك النجمان في نظام الشعرى باتجاهنا بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة.

وتستغرق مدة ارتفاع نجم الشعرى في أفق كوكب الأرض نفس المدة تمامًا التي تستغرقها السنة الشمسية، وهو 365 يومًا و6 ساعات.

وبسبب اكتشاف تلك الصفة الهامة المشتركة بين نجم الشعرى والنظام الشمسي، فقد قرر المصريون القدماء أن أول يوم يظهر فيه نجم الشعرى في الأفق يكون هو بداية التقويم السنوي.

وبسبب هذه الخصائص، أصبح نجم الشعرى محور اهتمام الكثير من الحضارات القديمة، وقد ساد اعتقاد بأن لهذا النجم قوى متعددة، وقد ذهب الضلال ببعض الشعوب إلى أنهم عبدوه.

ولكن الحقيقة هي أن الله تعالى رب العالمين، هو الذي خلق نجم الشعرى وكل الخصائص التي يحتوى عليها، تمامًا كما خلق كل شيء آخر.

والله تعالى يشير إلى نجم الشعرى في الآية 49 في سورة النجم في القرآن الكريم:

"وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَىٰ" سورة النجم 49.

يدور نجما الشعرى حول مركزيهما في مدار بيضاوي، ومدة دوران النجمين أ وب حول مركز ثقليهما هي 49.9 سنوات. وتتوافق هذه البيانات العلمية مع البيانات المقدمة من أقسام علم الفلك في جامعات هارفارد وأوتاوا وليستر.

وقد ورد ذكر هذه المعلومة في مصادر متعددة:

نجم الشعرى، النجم الأكثر سطوعًا، هو في الحقيقة نجمان، يستغرق مدارهما 49.9 سنة. (قانون كبلر الثالت)

كما هو معروف، فنجم الشعرى أ ونجم الشعرى ب يدوران حول بعضهما في مدار بيضاوي كل 49.9 عام.

 

النقطة التي تسترعي الانتباه هنا هي المدار البيضاوي المزدوج للنجمين حول بعضهما البعض.

وقد رأينا أن نجم الشعرى مذكور في سورة النجم في الآية 49، ووجدنا أيضًا تشبيهًا في غاية الحكمة في الآية 9 من السورة نفسها:

"فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ" سورة النجم 9.

وكما رأينا حتى الآن، فقد ذكر نجم الشعرى في الآية 49 من السورة، والآية 9 من السورة نفسها تضمن التعبير "قَابَ قَوْسَيْنِ" للإشارة إلى مدار النجمين.

 

عندما نجمع الأرقام في الآيتين، بمعنى آخر الرقمين 49 و9، نحصل على الرقم 49.9، وهي السنوات التي يستغرقها مدار هذين النجمين. 

وها نحن نواجه معجزة رياضية في القرآن الكريم.

بالنظر إلى وسائل التكنولوجيا التي كانت متاحة منذ أربعة عشر قرنًا فقد كان من المستحيل بالطبع أن يعرف الناس في ذلك الوقت أن نجمي الشعرى، وأحدهما صغير جدًا لأن يرى بالعين المجردة، وأنهما في الحقيقة نجمان، وأن كلًا من هذين النجمين يدور في شكل بيضاوي، وأن هذه المدارات تستغرق 49.9 سنة.

وقد توصل العلماء إلى هذه المعلومات في نهايات القرن العشرين فقط.

إنها معجزة أن ربنا عز وجل، خالق كل شيء من العدم، والحاكم المطلق، قد أنزل هذه الحقائق في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنًا مضى في وقت لم تكن التكنولوجيا التي تدرس الكون قد وجدت بعد.

ويثبت هذا مرة أخرى أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، والله أعلم.

 

القرآن هو كلام الله تعالى

كل ما رأيناه في هذا الفيلم يثبت لنا حقيقة واحدة واضحة: هي أن القرآن الكريم لا يحتوي على أية تناقضات، وأنه أتى من وجود الله تعالى.

الموضوعات العلمية المذكورة في القرآن الكريم، التي توضح أشياء من الماضي أو من المستقبل، وترتيبها الدقيق، تحتوي على حقائق لا يمكن لأي شخص في ذلك الوقت أن يكون قد عرفها.

لقد كان من المستحيل الحصول على تلك الحقائق بمستوى العلوم والتكنولوجيا في ذلك الوقت.

وهذا بالطبع دليل واضح على استحالة أن يكون القرآن كلام كائن بشري.

فهو من وحي الله عز وجل، وقد ظل بدون تغيير منذ نزل إلينا أول مرة.

"قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" سورة الإسراء 88.

القرآن هو كلام الله تعالى الذي خلق كل شيء من العدم والذي يحيط علمه جميع الكائنات.

دورنا هو أن نتشبث بقوة بهذا الكتاب المقدس وأن نتخذه كمرشد لنا.

"وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" سورة الأنعام 155.