دين من الخرافات في العصر الحديث العصر الجديد

 

 

كانت ستينيات القرن الماضي بمثابة نقطة تحول في المجتمعات الغربية...

فالآثار المدمرة للحرب العالمية الأولى والثانية...
وإسقاط القنابل الذرية على اليابان وحدوث سلسلة من الأحداث مثل حرب فيتنام قد أثار ردود فعل هائلة من قبل الشباب الأمريكي ضد النظام القائم.

وكان الوضع لا يختلف كثيرا في الدول الأوروبية.
حيث كان الشباب هناك يعارض الأوضاع القائمة وتورطوا في حركات منحرفة في رغبة صارخة للـ "تمرد" أو "جذب الانتباه."
وانتشر السلوك المنحل وتفشت المعتقدات المنحرفة الخاطئة يوما بعد يوم.


ولقد كون الشباب الذين ادعوا معارضتهم للحروب حركة كان من شأنها أن تترك بصمتها وأثرها على ستينيات القرن الماضي: وكانت هذه هي بداية ظهور تيار "الهيبيز".

وبدا العالم كأنه مليئا بالشباب الراغب في ملء العالم بالزهور من أجل السلام، وأعرب هؤلاء الشباب عن اعتقادهم بأن السبيل الوحيد لذلك هو أن تكون طبيعيا وحرا.
في واقع الأمر، كانت فلسفتهم المنحرفة واجهة مريحة للانحلال.
لقد تجاوز هؤلاء الشباب كل الأعراف والحدود، وأسرفوا في الغي بل إنهم في كثير من الأحيان كانوا يقضون اليوم كله في الرقص واحتساء الخمر وتعاطي المخدرات.


وبدلا من نشر السلام في العالم، انحطوا بغرائزهم وأصبحوا أتباعا لحركة فكرية غير أخلاقية لا تستطيع البشرية قبولها بأي حال من الأحوال.

في ذلك الوقت، تخلى العديد من الشباب والمفكرين الغربيين عن المعتقدات المسيحية التي كانت سائدة في الغرب طيلة قرون عديدة بعد أن تأثروا بهذا التيار غير الأخلاقي، وبحث العديد منهم عن أسلوب حياة بديل.
بل إن البعض قد ارتكب خطأً فادحا واختار الإلحاد!

وكون هؤلاء جبهة ضد الدين وتعاليمه.
وكان هذا الاتجاه المشوه موجها من قبل عدة دوائر معينة .
ومثال ذلك، كانت كلمات أغنية "تخيل" لجون لينون (الذي كان فيما سبق عازفا منفردا لفريق البيتلز) بمثابة الكلمات الأكثر شعبية في كل العصور على الإطلاق. ومن خلال كلمات هذه الأغنية سعى لينون لفرض الإلحاد على عدد كبير من الجماهير.

وكان لجماعات البوب تأثيرا هائلا على ثقافة المجتمع في الستينيات.
ومن المعروف أن كلمات الأغاني المؤثرة تشكل أفكار الشعوب. بل أن عملا واحدا لجماعة البوب أو ملابسهم أو أيديولوجيتهم غالبا ما تكون حافزا لبلورة أفكار بعض المجتمعات.
وكان فريق البيتلز على رأس هذه الجماعات.
فعندما أعلن أحد أعضاء فريق البيتلز جورج هاريسون عن اعتناقه الهندوسية، بدأ الملايين من عشاق فريق البيتلز يهتمون بالهندوسية.
لهذا السبب، أصبحت الإيقاعات والملابس والأعمال المتعلقة بديانات الشرق الأقصى موضع اهتمام عميق بين شباب الهيبيز في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وفضلا عن الترفيه، أصبح العديد من المشاهير في مختلف قطاعات المجتمع الغربي يعتنقون ثقافة الشرق الأقصى ويدعمون انتشار هذه الثقافة بين الشباب.
في السنوات اللاحقة امتزجت هذه الثقافة بمختلف العقائد الخرافية، وأصبح هناك دينا جديدا منحرفا من شأنه أن يظهر ويطل برأسه معلنا عن بدء حركة "العصر الجديد".

 

ميلاد حركة العصر الجديد

وظلت "ثقافة الهيبيز" الشعبية منتشرة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ولم تفقد أديان الشرق الأقصى التي اعتنقها المجتمع الغربي في ذلك الوقت تأثيرها على المجتمع.
ولقد أعادت هذه الثقافة خلق نفسها تحت مسمي جديدا: ألا وهو "العصر الجديد"!
إن هذه الحركة المشوهة قد انصهرت داخل ديانات الشرق الأقصى مع الكثير من المعتقدات الخرافية التي لا تؤمن بالله. وكان الهدف الرئيسي لهذه الحركة هو تخليص المجتمع من جميع الديانات السماوية.
وكانت بداية هذه الحركة هي الجمعيات الثيوصوفية التي تأسست أولا في الولايات المتحدة الأمريكية ثم في أوروبا، والتي كانت تهدف إلى إضفاء طابع ثقافة الشرق الأقصى على حياة الغربيين.
كانت "الجمعية الثيوصوفية" قد تأسست لأول مرة في عام  1875 في نيويورك حيث قامت هيلينا بتروفينا  بلافاتسكي والكولونيل هنري ستيل أولكوت اللذان كانا من أشد المعجبين بأديان الشرق الأقصى خاصة الهندوسية والبوذية.
وفي واقع الأمر كانت هيلينا بتروفينا بلافاتسكي رحالة مهتمة بالتعاليم الخفية لتلك الأديان والمعتقدات التي ادعت أنها قادرة على الاتصال بالأرواح والسحر والمذاهب الباطنية والطقوس الخرافية لأديان الشرق الأقصى، ولهذا السبب زارت هيلينا دولا مثل الهند والتبت والصين و اليابان عدة مرات.
لم يكن للإيمان بالله مكانا في تعاليم بلافاتسكي وبدلا من ذلك، كانت هناك مزاعم تدعي أن الإنسان ارتقى  للمرتبة الإلهية.

كانت هيلينا تعتقد أنه يجب على الناس استدعاء القوة التي يمتلكونها بداخلهم باستخدام أساليب مثل الاتصال بالأرواح ، والتأمل واليوجا.
وشكلت هذه المعتقدات المنحرفة لهيلينا بلافاتسكي أساس الجماعة الثيوصوفية.
وقد لعبت الجمعية الثيوصوفية دورا رئيسيا في التعبير عن أديان الشرق الأقصى في الثقافة الغربية وانحلال الثقافة نفسها.
ولقد بدأت أليس أ. بيلي (العضو السابق في الجمعية الثيوصوفية) حركة العصر الجديد.
وذكرت أليس مجموعة من القيم الأساسية للحركة الجديدة وذلك في كتابها المكون من مجلدينوالذي كان يحمل عنوان"الحواريون في العصر الجديد".
ووفقا للمبادئ المنصوص عليها في هذا الكتاب، قبلت حركة العصر الجديد كل التعاليم الخرافية للجمعية الثيوصوفية.
كما تضمن الكتاب معتقدات الديانات الوثنية مثل الهندوسية والبوذية والطاوية والشامانية ، وكذلك مختلف الخرافات التي كان يُطلق عليها  اسم "العلوم ".
ويأتي على رأسها السحر  والتنبؤ بالمستقبل والروحانية  والنبوءة والمذهب الباطني.
وبعد أليس بيلي سرعان ما تلقت تعاليم العصر الجديد الدعم وأصبحت عنصرا هاما من عناصر الثقافة الغربية.

وكانت هذا التعاليم بمثابة ضلالا وخدعة تضمنت مطالبات تتعارض مع العقل والمنطق والإدراك، وشجعت العديد من الممارسات الخرافية مثل التنبؤ بالمستقبل والسحر، ومن ثم قادت تلك التعاليم الناس إلى الابتعاد عن الحقيقة والبقاء في وهم دائم.

 

حركة العصر الجديد في الوقت الحاضر

عندما يسمع المرء لأول مرة اسم "حركة العصر الجديد"، قد لا يكون واضحا له على الفور كيف تمثل هذه الحركة اعتقادا منحرفا وكيف يتمثل هدفها الوحيد في إبعاد الناس عن الدين الحق الذي أرسله الله للبشرجميعا.
ومع ذلك إذا قمنا بفحص هذا الموضوع بتفاصيل أكثر، سنجد أن هذه الحركة قد أثرت في قطاع كبير من المجتمع الغربي، والأكثر من ذلك أنها تستخدم أساليب سرية مختلفة من أجل القيام بذلك.
إن العصر الجديد ما هو إلا ديانة خرافية ظهرت في العصر الحديث.
تشمل حركة العصر الجديد تطبيق ديانات مثل الهندوسية والبوذية والطاوية وكذلك الثقافة الغربية المادية.
وتستند تعاليم العصر الجديد إلى عدد من المعتقدات الخرافية تماما مثل الهندوسية والبوذية والطاوية والشنتوية والشامانية والروحانية والسحر.
إنها لا تستند إلى أي وحي إلهي وتنكر تماما الوجود المطلق لله عز وجل،

كماأن تعاليم ذلك العصر لا تستند إلى أي كتاب مقدس.
ولا تملك أي تنظيم مركزي.
ولا يوجد لديها أي مقر أو عضوية.

وهذا ما يجعل منها حركة منحرفة لا تشمل أي معتقدات سماوية، بل تمثل في جوهرها حركة خاصة بذاتها.
ويمكن لأي شخص إضافة أي معتقد لهذه الديانة الخرافية أو إزالة أي معتقد منها وفقا لما يشاء.
بسبب كل هذا، يعتقد الأشخاص الراغبون في تصوير أنفسهم كمعادين لمجتمعهم أن حركة العصر الجديد ما هي إلا ملجأ أو ملاذا لهم.
في السنوات الأخيرة، أسرعت عدة قطاعات تعتنق وجهات نظر مادية وإلحادية إلى عمل دعاية لصالح ثقافة العصر الجديد.
فلقد قامت تلك القطاعات باستخدام واسع النطاق لوسائل الاتصال الجماهيري لتحقيق هذا الغرض.
وكان هدفها هو منع التأثير والزخم المتزايد للتحول إلى الديانات السماوية وخاصة الإسلام في المجتمعات الغربية، والى استبدالها باعتناق الأديان الخرافية.

ومع ذلك، لم تصور تلك القطاعات هذه المعتقدات على أنها تعاليم خرافية.
والسبب في ذلك أنه من الواضح أنهم وجدوا أنهم إذا كشفوا الحقائق الكامنة وراء هذه التعاليم فإنها لن تكون قادرة على جذب أحد.
ولذلك سيسعوا لفرض هذه التعاليم عن طريق استخدام الدعاية الخيالية والرسائل الموجهة للاشعور.

 

أيضا كان لمشاهير المجتمع دورا هاما في هذه الدعاية...
ويتم تمثيل حركة العصر الجديد حاليا في مختلف الطرق في العالم الغربي من قبل مئات الجماعات في مجالات الطب وعلم النفس وعلم الاجتماع والبيئة والعلوم والفنون والتعليم ووسائل الإعلام والترفيه والرياضة وحتى السياسة.
فعلى سبيل المثال تمثل الممثلة السينمائية المشهورة شيرلي ماكلين من خلال كتبها وظهورها على شاشات التليفزيون  أحد أهم المروجين الرئيسيين لمعتقدات العصر الجديد.
 

كما يغتنم مشاهير مثل برناردو برتولوتشي وريتشارد جير وستينج وتينا تيرنر واوما ثورمان كل فرصة للتعبير عن اهتمامهم بديانات الشرق الأقصى والمذهب الباطني حيث وقعوا تحت تأثير حركة العصر الجديد.
 

تعد الأساليب المستخدمة للتأثير على المجتمع مؤشرا واضحا على قدرة بعض الجماعات على المشاركة في الدعاية المقصودة لتلك الديانات ونشر هذه المعتقدات المشوهة.

إن الله عز وجل يخبرنا في آيات القرآن الكريم عن وجود مجتمعات ذات عقليات وثنية في جميع عصور التاريخ.
وفي واقع الأمر، لا يختلف هؤلاء الأشخاص الذين سمحوا لأنفسهم بالوقوع في شباك تلك التعاليم المشوهة لحركة العصر الجديد عن الوثنيين الذين عاشوا في العصور الماضية.
فإنهم مُنعوا من التفكير بوضوح من خلال حماقات وخرافات وثنية، وبالتالي لا يدركون مدى الانحراف الجسيم الذي وقعوا فيه.
ومع ذلك إذا أرادوا أن يبحثوا في حقيقة هذه المعتقدات الخرافية سيدركون حقيقة موقفهم غير العقلاني وغير المنطقي الذي وقعوا فيه في سعيهم للوصول إلى الطريق الصحيح.

يقول الله عز وجل في سورة يونس:

أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ..." (سورة يونس، 66)

 

 

 

أمثلة المعتقدات المشوهة للعصر الجديد:

إن معتقدات العصر الجديد التي تحرص العديد من الدوائر الملحدة المادية على الإبقاء عليها من خلال وسائل الدعاية المختلفة تهدف إلى إبعاد الناس عن الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتخلي عن القيم الأخلاقية والفضائل الدينية واللجوء إلى المعتقدات الخرافية بدلا من العقائد التي أوحىبها الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله.
إن ممارسات مثل اليوجا والتأمل واستخدام العلاجات الطبيعية والطاقة الحيوية تحتل مكانة هامة في معتقدات العصر الجديد.
كما يمثلالتنجيم والتاروت والتنبؤ بالمستقبل والروحانية جزءا كبيرا من هذه الثقافة.
 

هناك أفكار أخرى تمثل معتقدات العصر الجديد وهي تناسخ الأرواح والريكي وما يُسمى بفلسفة فينج شوي والإسقاط النجمي والاعتقاد بأن للبلورات تأثير قوي على الأفراد والسحر الأسود والسحر الأبيض والنبوءة  واعتقاد الفرد أنه من الممكن منع تأثير الأرواح الشريرة إذا ما تمتم ببعض التعويذات واستدعاء الشيطان والتخاطر وتحريك الأشياء من على البعد.

وبسبب الدعاية المكثفة لتلك الأفكار من قبل بعض الدوائر، كثيرا ما تتكرر على مسامعنا هذه الكلمات في الوقت الحاضر.

 

السحر:

ظهر السحر والسحرة منذ أقدم العصور.

فلقد انتشر السحر في مصر الفرعونية واليونان القديمة وروما وبلاد ما بين النهرين والشرق الأقصى وفي كافة أنحاء العالم.
وفي عصرنا الحالي، يحتل السحر مكانة هامة في حركة العصر الجديد.
فلقد ظهرت من جديد الطقوس السحرية لأديان الشرق الأقصى والخرافات التي تعتمد على السحر بل إنها ظهرت في جدول أعمال العالم من خلال العصر الجديد.
في عصرنا الحالي يسعى المثقفون ذوي المهن المستقرة والذين يبدن عقلاء للغاية للهروب من المشاكل عن طريق السحر.
كما يحتفظ السحر بمكانته في جدول أعمال المجتمع، وينظر إليه جديا على أنه جزء طبيعي من الحياة.

ولقد ذكرت آيات القرآن الكريم كيف واجه نبي الله موسى عليه السلام السحرة الذين مارسوا السحر وأدانتهم، يقول الله تعالى: "وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ" (سورة يونس، 77)كما يقول عز وجل: "وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى" (سورة طه، 69)

وبعبارة أخرى، إن هؤلاء الأشخاص الذين يعتبرون السحر وسيلة للخلاص وتحقيق الرفاهية والنجاح مخطئون خطأ فادحا ذلك لأنه من المستحيل لإنسان أن يضر أو ينفع أحدا إلا بإذن الله.

يقول الله تعالى في آبه الحكيم:

"فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ" (سورة البقرة، 102)

 

قراءة البخت والروحانية والنبوة:

يحظى التنجيم وعلم الفلك بشعبية كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية، يبدأ ما يقرب من 75 مليون شخص يومهم بقراءة طالعهم.

وبالإضافة إلى ذلك،تتم ترجمة كتب علم الفلك إلى 12 أو 13 لغة مختلفة، ويتم بيع حوالي 70 مليون نسخة.
وهناك أيضا ملايين المواقع الفلكية على شبكة الانترنت.
حيث زار أكثر من 120 مليون شخص هذه المواقع الشهيرة سنويا.
تؤثر هذه المعتقدات الخرافية للغاية في الأفراد أكثر وأكثر كل يوم...
فأفكار خرافية مثل الاعتقاد الضال الخاص بالقدرة على التنبؤ بالمستقبل من خلال قراءة الطالع والتاروت والاتصال بالأرواح تشكل جزءا هاما من ثقافة العصر الجديد.

وفي واقع الأمر، يسعى الأشخاص الذين يطلق عليهم أعضاء هذه الحركات المنحرفة "المعلمين الروحانيين" في الديانة البوذية إلى خداع الناس من خلال اللجوء إلى المغالطات مثل إدعاءهم أنهم على اتصال بالأرواح وأنهم وسطاء روحانيون، ويمكنهم التنبؤ بالمستقبل عن طريق كروت التاروت.
والحقيقة أن قراءة البخت أو ادعاء القدرة على التنبؤ بالمستقبل هو إثم حرمه الله عز وجل، كما جاء في آيات القرآن الكريم، يقول الله تبارك وتعالى:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ." (سورة المائدة، 90)

 

ولجذب الانتباه أو اكتساب سمعة ما، يختبئ بعض الأشخاص الذين سقطوا في شباك حركات مثل العصر الجديد وراء أكذوبة وإدعاء معاناتهم من مشكلة نفسية أو قدرتهم على التنبؤ بالمستقبل،يأملون بذلك خداع الناس وكسب احترامهم واهتمامهم بالإضافة إلى الحصول على منافع مادية من جراء ذلك. في واقع الأمر، من المستحيل  أن يقدر أحد  على التنبؤ بالمستقبل من خلال النظر في قطعة من الورق أو الأحجار أو بلورات الكريستال(إلا بإذن الله ).
لا أحد يعلم المستقبل سوى الله سبحانه وتعالى، ولقد ذُكرت هذه الحقيقة الأكيدة والراسخة في آيات القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل:

"ألَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" (سورة النمل، 65)

 

 

ويقول الله عز وجل في سورة الجن:

"عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا." (سورة الجن 26-27)

كما تكشف لنا هذه الآيات، يُظهر الله عز وجل غيبه لعباده الذين ارتضى.
فمهما حاول الناس أو سعوا للاتصال بالأرواح لا يمكنهم أبدا الحصول على أية حقائق غيبية أو خفية.

 

الريكي:

هناك جهود تبذل في الوقت الحاضر لجعل معتقدات العصر الجديد اتجاها مألوفا،
حيث يتم استخدام الدعاية الجذابة والاستفادة من حب الجمهور لبعض الأفراد من أجل نشر هذه الممارسات المنحرفة على نطاق واسع.
حيث يتم الإعلان عن التعاليم الخرافية التي لا طائل منها في البرامج التلفزيونية والصحف والمجلات، أما بعض الأشخاص الذين خدعهم هذا التلقين فقد بدءوا ممارسة تلك التعاليم، وإن كانوا يجهلون تماما جوهرها أو طبيعة ما يقومون به.
وظهر الريكي كأسلوب حظي بشعبية كبيرة بين الجمهور في الآونة الأخيرة، وهو نتاج للتضليل والخداع.
إن الأشخاص الحريصين على جذب الاهتمام والظهور على أنهم بمعزل عن الجماهير قد تأثروا بالدعاية الخاصة بهذه التعاليم الخرافية.

ولكن في واقع الأمر يعد الريكي خدعة هائلة مثل كل معتقدات الشرق الأقصى الأخرى.
إن مجتمعات الشرق الأقصى التي تمتلك معتقدات وثنية، تعتقد أن الريكي هو أحد الأشكال المتعددة للطاقة في الكون، وتعتبره "حياة كونية وطاقة حيوية".
حيث يدعي بعض الأشخاص امتلاكهم لطاقة الريكي ، وأنهم قادرون على نقلها للآخرين وبث الحيوية فيهم.
فالأشخاص الذين يتصورون أنهم قادرون من خلال استخدام حركات غريبة بأيديهم ورموز مختلفة وشموع وبخور على منح الصحة والحيوية للغير يرتكبون خطأ فادحا.
إن هذه الإدعاءات، التي لا يمكن لشخص يتمتع بعقل أو منطق أن يصدقها، تتألف من أكاذيب وضلالات خادعة،
ذلك لأنه لا يوجد إنسان قادر على أن يمنح الصحة والحيوية للآخرين ، إلا بإذن الله.

إن الله هو الذي يمنح الصحة والعافية.  وعندما يريد الله أن يقي شخصا ما من المرض فإنه لا يمرض وفقا لمشيئة الله"واهب الصحة والعافية". ويستحيل على جميع الأطباء في العالم ، وأحدث المعدات التكنولوجية المتقدمة، وأحدث الأدوية، وكل المعتقدات الخرافية لديانات الشرق الأقصى مجتمعة إعادة الصحة والحيوية لشخص مريض إلا إذا شاء الله ذلك.

 


ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى في آيات القرآن الكريم ما قاله نبيه إبراهيم عليه السلام حيث قال عز وجل:

"وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ" (سورة الشعراء، 80)

لذا بات واضحا أن معتقدات خرافية مثل الريكي لا تعدو عن كونها خداعاللبشر، فالله هو وحده من ينصر الإنسان ويحميه،
ولا توجد قوة أيا كانت قادرة على أن تضر أو تنفع الإنسان سوى قوة الله سبحانه وتعالى.

 

الأحجار والمعادن

هناك قائمة لا نهائية من ممارسات الشعوذة في معتقدات العصر الجديد.
أحد هذه الممارسات الآثمة هو الاعتقاد بأن الأحجار والمعادن تمتلك قوى مختلفة.
يؤمن معتنقو هذه المعتقدات الخرافية أن لبلورة الكوارتز  فعالية خاصة في العلاج والسحر، كما كانوا يعتقدون أن معدن الهيمتايت يمنح الأشخاص القدرة على اتخاذ القرارات، وأن الماس يطهر الجسم ويزيل الطاقات السلبية منه، كما كانوا يعتقدون أن حجر الجمشت يقوي القلب ويزيد العقيق الأزرق من ثقة الشخص بنفسه.
إنهم ينسبون لتلك الأحجار والمعادن قوى سخيفة مماثلة.

والحقيقة هي أن هذه المعتقدات معتقدات سخيفة وخرافية،
حيث أنه يستحيل على أي حجر أو أي شيء آخر أن يكون قادرا على حماية الإنسان، ومنحه القوة أو القضاء على أي من قواه السلبية.
ومهما كانت الجهود التي يبذلها الإنسان، ومهما كانت الأساليب التي قد يلجأ إليها ، لا يمكن لشيء حمايته من كل ما يمكن أن يصيبه إلا بإذن الله.

ولقد ذكر لنا الله عز وجل هذه الحقيقة في آيات القرآن الكريم حيث يقول:

"قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ }(سورة الأنعام 63-64)

 

فينج شوي

كانت الـ "فينج شوي" إحدى الممارسات الخرافية التي كثيرا ما نسمع عنها على نحو متزايد في الآونة الأخيرة .
إن كلمتي "فينج" و"شوي" تعنيان الرياح والمياه في اللغة الصينية. ولقد بدأ الصينيون ممارسة الفينج شوي منذ مئات  السنين، وأصبحت الآن معتقدا شائعا في الغرب وزادت ممارستها على نحو متزايد، بل إن من يمارسونها يدعون أنهم يستخدمونها لتحسين مستوى المعيشة في البيوت وأماكن العمل.
كما يدعون أن ممارسات "فينج شوي" تعلمنا كيف يمكن استخدام عناصر ما في المنطقة التي نعيش فيها أو  في مكان العمل، وبعبارة أخرى، في البيئة التي نتواجد فيها بشكل إيجابي كما أن الأفراد الذين تسيطر عليهم تلك المعتقدات الخرافية ينخرطون في ممارسات لا يمكن تصديقها.

حيث يقوم كثير من الناس بإعداد الطعام أو أخذ المواعيد وفقا لمبادئ فينج شوي بل إنهم يأخذونها في الاعتبار عند استقبال ضيوفهم في المنزل.

كما يوجد عدد كبير من الأفرادالذين يقررون وفقا لهذا المعتقد الخرافي من سيجلسون بجانبه، أو على أي من المقاعد سيجلسون في إحدى الاجتماعات وهل سيجلسون في مواجهة الباب من عدمه وأي من الاجتماعات سيحضرونها.
 هناك المئات من القواعد الغريبة والسخيفة يجب على المؤمنين بما يُسمى بفلسفة فينج شوي أن يلتزموا بها.

إن ما يُسمى بفلسفة الفينج شوي ليست سوى معتقدات منحرفة يسعي البعض لفرضها على الناس كإحدى متطلبات الثقافة الحديثة عن طريق الدعاية لها في البرامج التلفزيونية والصحف والمجلات.
 

فالحركات التي تصرف الناس عن الإيمان بالله وتسعى لجعل تلك المعتقدات الخرافية تحل محل الفهم الأخلاقي الصحيح للقيم التي جاءت بها جميع الديانات السماوية، ليس لها أي فائدة لأحد سواء في الدنيا أو في الآخرة. إنه ليتعين على المؤمنين بالله الاضطلاع بمسئوليتهم إزاء توعية الأفراد الذين لا يعلمون شيئا عن الدين الحق، هؤلاء الأفراد الذين وقعوا في شباك هذه الحركات الظلامية بسب مختلف وسائل التلقين والدعاية التي يتعرضون لها وإظهار مدى حمق هذه المعتقدات المنحرفة وخلوها من أي معنى أو قيمة.
 

المصدر الوحيد للسلام هو الإيمان بالله

إن اليوغا والتأمل والريكي وما يُسمي بفلسفة الفينج شوي والطاوية والتنجيم والتنبؤ
ما هي إلا معتقدات خرافية نسمع عنها في الكثير من الأحيان في هذه الأيام...
كنا نستعرض طوال هذا الفيلم هذه المعتقدات المنحرفة ومنشأها، وحركة العصر الجديد.
يلجأ بعض الناس إلى هذه الأساليب لكي يكونوا قادرين على تحرير أنفسهم من التشوش والمتاعب والإجهاد في حياتهم ، والتوصل إلى السلام والأمن.


في واقع الأمر، تستخدم مفاهيم مثل "السلام الداخلي والتوازن الروحي، والهدوء الداخلي..." على نطاق واسع في الإعلانات الخاصة بمثل هذه الممارسات الخرافية.
و مع ذلك تبقى حقيقة مؤكدة وهي أن هذه المعتقدات الخرافية لا يمكنها منح الإنسان السلام الداخلي أو الانسجام الروحي الذي يصبو إليه.
على العكس تماما، جعلت ديانات الشرق الأقصى الأشخاص الذين يتوقعون مساعدة من الأصنام أو الأوثان المصنوعة من الحجر أو الخشب يفقدون القدرة على التصرف بعقلانية ومنطقية حيث يعتقد هؤلاء الأشخاص أنهم قادرون على العثور على حل لمشاكلهم من خلال ممارسة طقوس السحر والشعوذة،.
إنه لمن الواضح أن السبيل الوحيد للإنسان لكي يعثر على سلام حقيقي وسعادة على وجه الأرض، والتحرر من جميع أشكال الشر والقسوة والتشاؤم وعدم الرضا هو أن يسلم أمره إلى الله خالقنا جميعا، ويحيا حياة ترضيه عز وجل.

يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم:

"قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا..." (سورة طه، 123-124)

يجب أن يعرف الناس أن السعادة الحقيقية في الحياة الدنيا وفي الآخرة لن تكون ممكنة إلا عن طريق الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى وإتباع آياته.

يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم:

"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ" (سورة الحج، 62)