المداومة على شكر الله على نعمه

المداومة على شكر الله على نعمه

يعتقد المؤمنون الذين يتحررون من أسر العادات ويتفكرون فيما حولهم أن كل ما يرونه هو نعمة من الله، فهم يعلمون أن كل شيء، العينين والأذنين والجسم، وكل الطعام الذي يأكلونه، والهواء النقي الذي يتنفسونه، والمنازل، والسلع والممتلكات، والأشياء التي يمتلكونها وحتى الكائنات الحية الدقيقة والنجوم قد خلقت لخدمتهم، وهذه النعم هي أكثر من أن تحصى، وكما يكشف ربنا في الآية التالية، فإنه من المستحيل إحصاء كل هذه النعم.

" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ " (النحل، 18)

يعرف المؤمنون أن الله هو الرحمن الرحيم، لذلك، فهم يتمتعون بنعم الدنيا ضمن الحدود المشروعة، لكنهم لا ينخدعون فينسون الله والآخرة والعيش بالقرآن، إنهم لا ينسون أبدًا أن نعم هذا العالم مؤقتة ومحدودة، وأن هذه النعم ما هي إلا امتحان لنا وأن النعيم الحقيقي في الدار الآخرة.

بالنسبة لشخص يعيش وفقًا لتعاليم القرآن الكريم، تعتبر النعم الدنيوية مثل العقارات والممتلكات والمنصب هي مجرد وسيلة يمكن من خلالها التقرّب لله. يعرف المؤمن أن الله هو المنعم، وأن ما به من نعمة فمن الله، فيفعل كل ما في وسعه لتقديم الشكر لربه الذي خلق هذه النعم، وإظهار تقديره وامتنانه، ويجتهد ليتذكر نعم الله ويخبر الآخرين عنها. يقول الله في سورة الضحى:

" وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ " (سورة الضحى:5-11)

ينتظر بعض الناس حدثًا خاصًا أو حلّ بعض المشاكل الكبرى حتى يقّدموا الشكر لله، ولكن إذا تفكروا للحظة واحدة، فسيعلمون أنه في كل لحظة من حياة الإنسان، تحيط به النعم، في كل لحظة يمنحنا الله عددًا لا يحصى من النعم، مثل الحياة، والصحة، والذكاء، والوعي، والحواسّ الخمسة، والهواء الذي نتنفسه.

البعض يشعر بقيمة النعم فقط حين يحرم منها، بينما يشكر المؤمن ربه في كل حال، إن الله يزيد الثواب للشاكرين.

" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " (سورة ابراهيم: 7)