تتكون الذرّة من نواة، تحتوي على النيوترونات والبروتونات، وتدور حولها الإلكترونات.
أصغر مكونات الذرّة هما نوعان من الكواركات والإلكترونات. تتكوّن جميع مواد هذا الكون، الروائح، الأذواق، الألوان، وكذلك الصلابة والنعومة وأي شيء آخر، من هذه المكونات الصغيرة الثلاثة.
إنّ الإلكترونات شديدة الصغر مقارنةً بالنواة، فالإلكترون الواحد نسبته واحد على 2000 من البروتونات التي تشكل النواة.
فمثلًا لو افترضنا أنّ نقطةً على قطعةٍ من الورق هي بمثابة النواةِ للذرّة، فسيكون الإلكترون الذي يدور حولها على بُعد 50 مترًا منها.
لو افترضنا أنّ تفّاحةً هي نواةُ الذرّة، فسيكون الإلكترون الذي يدور حولها على بعد 50 كيلو مترًا منها. سيكون من المستحيل لأي كائنٍ بشري في ذلك المكان، رؤية الإلكترون.
من المستحيل أن يتمكن أي انفجارٍ أو ضربةٍ قويةٍ أو تصادمٍ قويٍّ من فصل الذرّة أو النواة أو الإلكترونات. حتى عندما يموت الكائن الحيّ الذي يتكون من الذرّات، فإنّ ذرّات هذا الكائن لا تتوقف عن الدوران.
إنّ ذرّات الشجرة المحترقة لا تحترق وتنعدم من الوجود مع تلك الشجرة، بل تستمر في الدوران في الهواء لتندمجَ مع ذرّاتٍ مختلفة وتنتج موادَّ جديدة.
تدور النواة داخل الذرّة باستمرار. أمّا الإلكترونات فتدور حول كل من النواة والمحور الخاصِّ بها. كذلك الكواركات داخل النواة، تدور على النحو ذاته إلى ما لا نهاية. ويدور كلٌّ منهما بسرعةٍ محددة. من المستحيل أن يخطئ أيُّ منهما أو يُحدِث خللًا في النظام المحدَّد لهما. يدور الإلكترون حول محوره الخاصّ وحول النواة بسرعةٍ فائقة تتراوح ما بين الـ 2000 والـ 100,000 كيلو متر في الثانية.
لم يحدث أن اصطدم إلكترون واحد بإلكترون آخر على مدى 15 بليون عام منذ نشأتهم الأولى، من المستحيل أن يحدث هكذا تصادم على الإطلاق.
تدور الإلكترونات حول النواة في سبع مداراتٍ مختلفة، وقد يتجاوز عدد الإلكترونات التي تدور حول النواة، الـ 100 إلكترون في بعض الأحيان.
تقفز الإلكترونات وتقوم بتغيير أماكنها في المدارات المختلفة بسرعةٍ عاليةٍ جدًا. ولكن على الرغم من سرعتها الهائلة، فإنّها أبدًا لا تصطدم ببعضها.
يستهلك تبادل الإلكترونات بين ذرّتين مختلفتين، كميّةً ضئيلةً جدًا من الطاقة. إنّها نعمةٌ عظيمةٌ تساعد على استمرارية الحياة. فهذا في الواقع هو أحد الأسباب وراء وجود كل شيء، بدءًا من الخلايا في أجسامنا، وحتى الأشياء التي نستخدمها؛ وبدءًا من النجوم في السماوات وحتى الأرض ذاتها.
في اللحظةِ الواحدة، يَحدث انتقالٌ للطاقةِ الكهربائيةِ في أدمغتنا، بعدد النجوم في مجرّةٍ متوسطةِ الحجم. الإلكترونات هي ما تجعل هذا الانتقال للطاقةِ الكهربائيةِ ممكنًا.
تدور الإلكترونات كذلك حول محورها الخاصّ، فيما يسمّى بالـ (دورة). ولولا ذاك الدوران، لاندمجت جميع الإلكترونات في مدارٍ واحد، ولما حدث تبادلٌ للإلكترونات مطلقًا، ولما تكوّنت الموادُّ بحالٍ من الأحوال.
بينما نعتقد أنّنا نجلس بهدوءٍ في منزلنا، تدور الأرض حول محورها الخاص بسرعة 500 مترٍ في الثانية، وندور نحن معها. وتدور الأرض حول الشمس بسرعة 30 كيلو مترًا في الثانية، وندورُ معها كذلك. كما يدور النظام الشمسي في مجرّة درب التبّانة بسرعة 250 كيلو مترٍ في الثانية. وندورُ معه أيضًا. كذلك، فإنّ كل ذرّة في أجسامنا، وفي كلّ ما حولنا، وفي كلّ مكانٍ نعيش فيه، تدور بلا توقّف. كلّ شيء بدءًا من المجرّات العملاقة، وحتى أدقّ الكواركات، يخضع لعلم وسيطرة الله سبحانه وتعالى، هو الخالق لكلّ شيء.
أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. (النور 64).